باستقراره بها (١) ، ووصل عقيب انفصاله الأمير يغي سغان من أنطاكية إلى حلب وشرع في التدبير والتقرير بها ، والأمر والنهي في عسكريتها وأهليها ، وبرز الملك رضوان ويغي سغان من حلب في (٧٢ ظ) العسكر إلى ناحية شيزر ، عازما على الاحتشاد ، والتأهب والاستعداد لمعاودة النزول على دمشق ، فأقاموا على شيزر تقدير شهر ، ووقع الخلف بين مقدمي العسكر ، فتفرقوا وعاد كل منهم إلى مكانه ، وعاد الملك إلى حلب.
وفي هذه السنة ورد على فخر الملوك رضوان كتاب المستعلي بالله صاحب مصر مع رسوله ، يلتمس منه الدخول في طاعته ، وإقامة الدعوة لدولته ، وكذلك كتاب الأفضل يتضمن مثل هذه الحال ، فأجابهما إلى ما التمساه ، وأمر بأن يدعى للمستعلي على المنبر ، وللأفضل بعده ، ولنفسه بعده ، وأقامت الخطبة على هذه القضية تقدير أربع جمع ، وكان الملك رضوان قد بنى الأمر في ذلك على الاجتماع مع العسكر المصري ، والنزول على دمشق لأخذها من أخيه الملك دقاق ، فوصل الأمير سكمان (٢) بن أرتق ويغي سغان صاحب أنطاكية إلى حلب ، وأنكرا على الملك الدخول في هذا الأمر ، واستبدعاه من فعله ، وأشارا عليه بإبطاله وإطراح العمل به ، فقبل ما أشير به إليه وأعاد الخطبة الى ما كانت عليه.
وفي أول شهر ربيع الأول من السنة ، وردت الأخبار بخروج العسكر المصري من مصر ، ونزوله على ثغر صور عند ظهور عصيان واليه المعروف بالكتيلة ، وخروجه عن الطاعة ، والايثار للخلف والعدول عن المخالصة في الخدمة والعود للمبايعة ، ولم يزل العسكر منازلها ومضيقا عليها إلى أن
__________________
(١) لجناح الدولة ترجمة مفيدة في بغية الطلب لابن العديم ، نشرتها في ملاحق كتابي مدخل إلى تاريخ الحروب الصليبية : ٣٧٦ ـ ٣٧٩.
(٢) في الأصل : شكماز ، وهذا تصحيف واضح صوابه ما أثبتناه.