وتوجه نحوه فخر الملوك في عسكره لإبعاده عنها ، وقد جمع وحشد من أمكنه من عمل حلب ، والأحداث الحلبيين ، لقصد الجهاد ، فلما تقاربا نشبت الحرب بين الفريقين ، فثبت راجل المسلمين ، وانهزمت الخيل ، ووقع القتل في الرجالة ، ولم يسلم منهم إلا من كتب الله سلامته ، ووصل الفل إلى حلب وأحصي المفقود من الخيل والرجل ، فكان تقدير ثلاثة آلاف نفس ، وحين عرف ذلك من كان في أرتاح من المسلمين ، هربوا بأسرهم منها ، وقصد الأفرنج بلد حلب ، فأجفل أهله منه ، ونهب من نهب ، وسبي من سبي ، وذلك في الثالث من شعبان ، واضطربت أحوال من بالشام بعد الأمن والسكون (١).
وفي هذه السنة خرج من مصر عسكر كثيف يزيد على عشرة آلاف فارس وراجل مع الأمير شرف المعالي ولد الأفضل ، وكوتب ظهير الدين أتابك بالاستدعاء للمعونة والاعتضاد الى جهاد الكفرة الأضداد ، فلم يتمكن من الإجابة إلى المراد ، لأسباب عاقته عن المعونة والاسعاد ، وتوجه في العسكر إلى بصرى ، فنزل عليها عازما على مضايقتها ، وفيها الملك أرتاش بن تاج الدولة وايتكين الحلبي ، لأنهما كانا عند الأفرنج على ما شرح من أمرهما أولا ، ثم استدرك الرأي واستصوب المسير إلى العسكر المصري للاعتضاد على الجهاد ، فسار اليه ووصل (٨١ و) إلى ظاهر عسقلان ، ونزل قريبا منه ، وعرف الأفرنج الخبر ، فتجمعوا ، وقصدوا عسقلان ، والتقى الفريقان في رابع عشر ذي الحجة من السنة ، فيما بين يافا وعسقلان ، فاستظهر الأفرنج على المسلمين ، وقتلوا والي عسقلان ، وأسروا بعض المقدمين ، وانهزم عسكر مصر إلى عسقلان ، وعسكر دمشق إلى بصرى ، وقيل ان الذين قتلوا من المسلمين
__________________
(١) هناك مطابقة شبه كاملة بين رواية ابن القلانسي هذه ، وما جاء عند العديم في زبدة الحلب : ٢ / ١٥٠ ـ ١٥١ ، وفي بغية الطلب يقدم ابن العديم في ترجمة رضوان تفاصيل اضافية. انظر مدخل إلى تاريخ الحروب الصليبية :
٣٩٢ ـ ٣٩٣.