وقتل من كان فيه ونهب وغنم ، واتصل الخبر ببغدوين ملك الأفرنج ، فنهض إليه من طبرية ، ونهض أتابك إلى حصن بالقرب من طبرية فيه جماعة من فرسان الأفرنجية ، فقاتله وملكه ، وقتل من كان فيه وانكفأ إلى المدان (١) وعاد الأفرنج إليه ، فلما قربوا منه اندفع العسكر إلى ناحية زرّا (٢) ، وتلاقت طلائع الفريقين وعزموا على المصاف والالتقاء ، وقد قويت نفوس المسلمين ، فلما كان من غد ذلك اليوم ، ركب العسكر ، وقد تأهب للقاء على تلك النية وزحفوا الى موضع مخيمهم ، فصادفوهم وقد رحلوا عائدين إلى طبرية ، ثم منها إلى عكا فعاد ظهير الدين عند ذلك في العسكر إلى دمشق.
وكانت الأخبار متناصرة في هذه السنة باهتمام السلطان غياث الدنيا والدين محمد بن ملك شاه بمحاصرة قلعة الباطنية المعروفة بشاه دز المجاورة لأصفهان ، والجد في افتتاحها ، وحسم أسباب الفساد المتوجه على البلاد من المقيمين بها ، وتوجه إليها (٣) في عساكره الدثرة المتناهية في القوة والكثرة ، ولم يزل منازلها ومضايقها ، إلى أن منحه الله تعالى افتتاحها والاظهار على من فيها ، وملكها بالسيف قهرا ، وقتل من كان فيها من الباطنية قسرا ، وهدمها وأراح العالم من الشر المتصل منها ، والبلاء المبثوث من أهلها (٤) ، وأنشأ كتاب الفتح بوصف الحال فيها الى سائر أعمال المملكة ليقرأ على (٨٢ ظ) المنابر ويستنزل في معرفة كل باد وحاضر أمير الكتاب أبو نصر بن عمر الأصفهاني ، كاتب السلطان ، وبلاغته في الكتابة معروفة مذكورة ، وفصاحته في إنشائه موصوفة
__________________
(١) لم أجد هذا الموقع في المصادر المتوفرة ، وهو لا شك على مقربة من منطقة الشيخ مسكين الحالية في سورية.
(٢) هي بلدة ازرع الحالية في حوران ـ انظر معجم البلدان.
(٣) في الأصل «عنها» وما أثبتناه أقوم.
(٤) بنى هذه القلعة السلطان ملكشاه ، وقد استولى عليها فيما بعد الزعيم الاسماعيلي أحمد بن عبد الملك بن عطاش ، وقد تحدث سبط ابن الجوزي في أخبار سنة ـ ٥٠٠ ـ عن سقوطها للسلطان محمد بعد حصار دام سنة.