ووصلت عقيب ذلك الخاتون السيدة ، أخت السلطان ، وزوجة الخليفة إلى بغداد من أصفهان ، ومعها من التجمل والجواهر والأموال والآلات ، وأصناف المراكب والدواب والأثاث (٩٥ و) وأنواع الملابس الفاخرة ، والخدم والغلمان والجواري والحواشي ، ما لا يدركه حزر فيحصر ، ولا عدّ فيذكر ، واتفقت هذه الاستغاثة ، فتكدر ما كان صافيا من الحال والسرور بمقدمها ، وأنكر الخليفة المستظهر بالله أمير المؤمنين ما جرى ، وعزم على طلب من كان الأصل والسبب ليوقع به المكروه ، فمنعه السلطان من ذلك ، وعذر الناس فيما فعلوه ، وأوعز إلى الأمراء والمقدمين بالعود إلى أعمالهم ، والتأهب للمسير الى جهاد أعداء الله الكفار.
وفي جمادى الآخرة منها ، وصل رسول متملك الروم بهدايا وتحف ومراسلات ، مضمونها البعث على قصد الأفرنج ، والايقاع بهم والاجتماع على طردهم من هذه الأعمال ، وترك التراخي في أمرهم ، واستعمال الجدّ والاجتهاد في الفتك بهم قبل إعضال خطبهم واستفحال شرهم ، ويقول إنه قد منعهم من العبور الى بلاد المسلمين ، وحاربهم ، فان طمعوا فيها ، بحيث تتواصل عساكرهم وامدادهم الى البلاد الاسلامية احتاج إلى مداراتهم وإطلاق عبورهم ومساعدتهم على مقاصدهم وأغراضهم ، للضرورات القائدة إلى ذلك ، ويبالغ في الحث والتحريض على الإجتماع على حربهم ، وقلعهم من هذه الديار بالاتفاق عليهم.
وفي هذه السنة نقض الملك بغدوين صاحب بيت المقدس الهدنة المستقرة بين أتابك وبينه ، وكتب إلى ابن صنجيل صاحب طرابلس يلتمس منه الوصول إليه في عسكره ، ليجتمع معه في طبرية ، وجمع وحشد ، ورحل إلى ناحية بيت المقدس لتقرير أمر كان في نفسه ، فحدث له في طريقه مرض أقام به أياما ، ثم أبل منه وأفاق ، وقصد في حشده ناحية البثنية من حوران ، وقد اطرح كل