من في الشام ، ولم يبق في عينه منهم أمر يحفل به من جهتهم ، فنهض ظهير الدين أتابك عند معرفته قصده في عسكره ، ونزل في المنزل المعروف برأس الماء (١) ، ثم رحل عنه إلى اللجاة ، ونهض الأفرنج في إثره الى الصنمين (٢) ، ففرق أتابك العسكر عليهم من عدة جهات ، وبث في المعابر والمسالك خيلا تمنع من حمل الميرة إليهم ، وضايقهم مضايقة ألجأتهم الى الدخول في حكم المسالمة والموادعة ، وترددت المراسلات في ذلك (٩٥ ظ) إلى أن استقرت الحال بينهما على أن يكون لبغدوين النصف من ارتفاع جبل عوف والسواد والحياينة مضافا إلى ما في يده ، ومن هذه الأعمال التي يليها في أيدي العرب من آل جراح ، وكتب بينهما هذا الشرط ، ورحل كل منهما منكفئا الى عمله في آخر ذي الحجة منها.
وقد كان الأمر تقرر مع السلطان غياث الدنيا والدين على إنهاض العساكر عقيب تلك الاستغاثة المقدم شرحها ببغداد ، والتقدم الى الأمراء بالتأهب للمسير الى الجهاد ، فتأهبوا لذلك ، وكان أول من نهض منهم الى أعمال الأفرنج الأمير الاسفهسلار شرف الدين مودود ، صاحب الموصل ، في عسكره إلى شبختان (٣) فافتتح تل قراد (٤) وعدة حصون هناك بالسيف والأمان
__________________
(١) اسمه الآن نبع الثريا قرب قرية فقيع بحوران بين جاسم ونوى ، جرت مياهه الى قرية الشيخ مسكين ويبعد عن دمشق مسافة / ٧٠ كم /.
(٢) على الطريق الدولية التي تصل دمشق بدرعا ، وتبعد عن دمشق حوالي / ١٥ / ميلا.
(٣) في الأصل سنجتان ، وقد ضبطه أمدروز / سنجتان / ولم أجد لهذا الموقع من ذكر في المصادر الجغرافية ووجدت في الباهر لابن الأثير : ١٧ «شبختان» حيث قال : «فما بلغني منها أن الأمير مودودا سار الى الغزاة بالشام ، ففتح في طريقه قلاعا من شبختان كان للفرنج» وشبختان كما يستنتج من ياقوت هي في بلاد الأرمن في ديار ربيعة. انظر زبدة الحليب : ٢ / ١٥٨.
(٤) في الأصل : «تل مراد» وهو تصحيف صوابه ما أثبتنا ففي معجم البلدان : تل قراد : حصن مشهور في بلاد الأرمن من نواحي شبختان.