وعاد ظهير الدين أتابك ، وسيف الدين (آق) سنقر البرسقي في عسكريهما إلى دمشق مسرورين بالظفر السني ، والنصر الهني ، والغنائم الوافرة ، والنعم المتوافرة ، فلم يفقد من العسكريين بشر ، ولا أصابهم بؤس ولا ضرر ، ووصلا البلد بالأسرى ورؤوس القتلى ، وخرج الناس من البلد لمشاهدتهم ، واستبشروا بمعاينتهم ، وسروا بنظرهم سرورا ، واصلوا معه حمد الله مولي النصر ، ومانح القهر ، وشكروه تعالى على ما سناه من الاستظهار المبين بالاستعلاء المشرق الجبين ، وأقام آق سنقر البرسقي أياما بعد ذلك وتوجه (١٠٩ و) عائدا إلى بلده بعد استحكام المودة بينه ، وبين ظهير الدين ، والمصافاة والموافقة على الاعتضاد في الجهاد ، متى حدث أمر أو حزب خطب.
وقد كان في هذه السنة وردت الأخبار قبل عود ظهير الدين من العراق ، بالكائنة الحادثة من الباطنية في الدركاه السلطانية ، وقتلهم الأمير أحمد يل فيها ، في المحرم منها ، مع وجاهته ، وتزايد حشمته ، ووفور عدته ، وأكثر الناس التعجب من هذا الاقدام المشهور ، والفعل المذكور ، ولله عاقبة الأمور (١)
وفيها وردت الأخبار من ناحية حلب ، بقتل لؤلؤ الخادم ، الذي كان غلب أمره فيها ، وعمل على قتل ولد مولاه الملك ألب أرسلان بن رضوان ، في ذي الحجة منها ، بأمره دبّره عليه أصحاب الملك المذكور (٢).
__________________
(١) في ترجمة أحمد يل في بغية الطلب قال ابن العديم : «وفي المحرم سنة عشر وخمسمائة كان أحمد يل في مجلس السلطان محمد ، فجاءه رجل ومعه قصة يشكو فيها الظلم وهو ينتحب ، وسأله أن يوصل قصته الى السلطان ، فتناولها منه فضربه بسكين كانت معدة ...» مدخل الى تاريخ الحروب الصليبية : ٢٥٤.
(٢) أخذ أموال قلعة حلب وحاول أن يهرب بها الى بلاد الشرق ، فلحقه بعض قادة جند حلب ورشقه بالسهام حتى قتل. مدخل الى تاريخ الحروب الصليبية : ٢٩٥.