ورضوانه ، بين صلاتي الظهر والعصر ، من يوم الأحد آخر جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة وخمسمائة ، ودفنت عند ولدها في القبة التي بنتها على القلعة المطلة على الميدان الأخضر ، فلقد كانت من النساء المصونات ، المحبة للدين والصدقات ، والتنزه عن الظلم ، بطلب الخيرات ، مع قوة النفس وشدة الهيبة ، ومعرفة التدبير فيما توخته في حق ظهير الدين ، عند وفاة ولدها الملك شمس الملوك ، إلى أن استقام له الأمر ، واستقرت في المملكة والدولة الحال ، وتسهلت له المطالب برأيها وهيبتها وسياستها والآمال ، فقلق ظهير الدين لفقدها ، وتضاعف عليها حزنه وأسفه ، وتسلم ما خلفته ، واستخرج ما ذخرته وأودعته ، وعمل بوصيتها.
وفي رجب من هذه السنة توفي الأمير حارق بن كمشتكين العراقي في رجب منها وكان من مقدمي الدولة ووجوه أمرائها.
وفيها وردت الأخبار من العراق بأن السلطان محمود بن السلطان غياث الدنيا والدين محمد بن ملك شاه توجه إلى عمه السلطان سنجر بن ملك شاه إلى خراسان ، ودخل عليه ، ووطئ بساطه ، بعد ما جرى بينهما من الوقائع والحروب ، فأكرمه واحترمه وأحمده ، وقرر أحواله على ما فيه صلاح أمره واستقامة حاله ، ووصله بابنته ، وأقره على مملكته ، وشرفه بخلعه وتكرمته ، وعاد منكفيا إلى أصفهان بلدته ظافرا (١) بأمله وبغيته.
وفي هذه السنة حكى من ورد من بيت المقدس ، ظهور قبور الخليل وولديه اسحق ويعقوب الأنبياء عليهم الصلاة من الله والسلام ، وهم مجتمعون في مغارة بأرض بيت المقدس ، وكأنهم كالأحياء ، لم يبل لهم جسد ، ولا رم عظم ، وعليهم في المغارة قناديل معلقة من الذهب والفضة ، وأعيدت القبور إلى حالها التي كانت عليه. هذه صورة ما حكاه الحاكي ، والله أعلم بالصحيح من غيره.
__________________
(١) في الأصل : طامرا ، وهو تصحيف قوم من مرآة الزمان : ١ / ٧٩ حيث ينقل عن ابن القلانسي.