وشاع الخبر بذاك في الحال ، فثارت الأحداث بدمشق ، والغوغاء والأوباش بالسيوف والخناجر المجردة ، فقتلوا من ظفروا به من الباطنية وأسبابهم ، وكل ما متعلق بهم ، ومنتم إليهم ، وتتبعوهم في أماكنهم ، واستخرجوهم من مكامنهم ، وأفنوهم جميعا تقطيعا بالسيوف ، وذبحا بالخناجر ، وجعلوا مصرعين على المزابل كالجيف الملقاة ، والميتة المجتواة ، وقبض منهم نفر كثير التجأوا الى جهات يحتمون بها ، وأملوا السلامة بالشفاعة منها قهرا ، وأريقت دماؤهم هدرا وأصبحت النواحي والشوارع منهم خالية ، والكلاب على أشلائهم وجيفهم متهاوشة عاوية ان في (١٢٢ ظ) ذلك لآية لأولي الألباب.
وكان قد أخذ في الجملة المعروف بشاذي الخادم ، تربية أبي طاهر الصائغ الباطني ، الذي كان بحلب ، وهذا اللعين الخادم كان أصل البلاء والشر ، فعوقب شر عقوبة ، شفت قلوب كثير من المؤمنين ، وصلب ومعه نفر منهم على شرفات سور دمشق ، ليشاهد فعل الله بالظالمين ونكاله بالكافرين ، وكان الحاجب يوسف بن فيروز شحنة البلد ، ورئيسه الوجيه ثقة الملك أبو الذواد مفرج بن الحسن الصوفي ، قد بالغا في التحريض على هلاك هذه الطائفة الخبيثة ، فأخذا في التحرز والاحتياط من اغتيال من يندب إليهما من باطنية ألموت (١) مقر الباطنية ، بلبس الحديد والاستكثار من الحظفة حولهما ، بالسلاح الوافر العتيد ، فحصل الشقاء لمن أساء وكفر ، والسعادة لمن أحسن واعتبر.
وأما اسماعيل الداعي المقيم ببانياس ، ومن معه فإنهم لما سمعوا ما حدث من هذه الكائنة سقط في أيديهم ، وانخذلوا وذلوا ، وأقبل بعضهم على بعض
__________________
(١) مقر قيادة الدعوة الاسماعيلية الجديدة في الشرق ـ انظر الدعوة الاسماعيلية الجديدة : ٥٧ ـ ٥٩.