وتوجهوا جميعا إلى مخيم عماد الدين أتابك ، فأحسن لقاءهم ، وبالغ في الإكرام لهم ، وأغفلهم أياما ، وعمل عليهم ، وغدر بهم وقبض على سونج ولد تاج الملوك ، وعلى جماعة المقدمين ، ونهب خيامهم وأثقالهم ، وكراعهم ، فهرب منهم من هرب ، واعتقل الباقين ، وحملهم الى حلب وأمر بحفظهم فيها.
وزحف من يومه إلى حماة ، وهي خالية من الرجال الحماة ، فملكها واستولى على ما فيها ، ورحل عنها الى حمص ، وكان صاحبها خيرخان بن فراجة معه ، بعسكره ، ومناصح في خدمته ، وعامل بطاعته ، وكان المعين له ، والمحرض على الغدر بسونج ، وقبضه ، فحين نزل عليها غدر بخيرخان صاحبها واعتقله ، ونهب خيامه وأثقاله ، وتوثق منه ، وطلب تسليم حمص إليه ، فراسل نوابه فيها ، وولده بذاك ، فلم يلتفتوا إلى مقاله ، ولا وقعت منهم إجابة الى سؤاله ، فأقام عليهم مدة طويلة ، يبالغ في المحاربة لأهلها ، والمضايقة لها ، فلم يتهيأ له فيها مطلب ، ولا تيسر مأرب ، فرحل عنها الى الموصل ، واستصحب معه سونج بن تاج الملوك ، والمقدمين من عسكر دمشق ، وأقر الباقين في حلب ، وترددت المراسلات في اطلاق المعتقلين ، فلم يفعل ، والتمس عنهم خمسين ألف دينار ، أجاب تاج الملوك إلى تحصيلها ، والقيام بها.
وفي هذه السنة وردت الأخبار من ناحية مصر ، بقتل الآمر بأحكام الله صاحبها ، في آخرها ، تدبيرا دبر له ، وعمل فيه عليه ، لأمور منكرة ارتكبها ، وأحوال قبيحة اعتمدها ، ودعت إلى قتله ، وأوجبت الفتك به ، لأنه بالغ في ظلم الرعية ، وأخذ أموالهم ، واغتصاب أملاكهم ، وسفك الدماء ، وأساء السيرة ، وارتكب المحذورات ، واستحسن القبائح من المحظورات ، فابتهج الخاص والعام بالحادث فيه ، والراحة منه في يوم الثلاثاء الثاني من ذي القعدة سنة أربع وعشرين وخمسمائة ، وعمره أربع وثلاثون سنة ، ومولده بالقاهرة سنة تسعين وأربعمائة ، وأيام دولته أربع وعشرون سنة ، ونقش خاتمه «الإمام