جواب ، وأفيضت الخلع عليه في يوم الأحد لخمس خلون من شهر ربيع الأول من السنة ، وقد جلس الإمام الخليفة المسترشد بالله أمير المؤمنين ، فحضر بين يديه ، وخدم كما جرت العادة لمثله ، فقال له أمير المؤمنين في مبدأ خطابه : تلق هذه النعمة بشكرك ، واتق الله تعالى في سرك وجهرك ، وكان هذا التشريف : سبع دراريع مختلفات الأجناس ، والسابعة منها سوداء ، وتاجا مرصعا ، وسوارين ، وطوق ذهب ، ولما جلس على الكرسي المعد له ، وقبّل الأرض ، قال له أمير المؤمنين : من لم يحسن سياسة نفسه ، لم يصلح لسياسة غيره ، قال الله تعالى ذكره : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ. وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) (١) ، فأعاد الوزير عليه ذلك بالفارسية ، فأكثر من الدعاء له ، والثناء عليه ، واستدعى أمير المؤمنين السيفين المعدين له ، فقلده بهما ، واللوائين ، فعقدهما له بيده ، وسلم إليه السلطان داود بن محمود بن أخيه (٢) ، وأتابكة آق سنقر ، وأكد الوصية عليه في بابهما ، وإجمال الرعاية لهما ، واستحلفه على الوفاء بما قرره في بابهما ، وقال أمير المؤمنين : انهض وخذ ما أتيتك [بقوة](٣) وكن من الشاكرين ، وتوجه السلطان مسعود بعد ذلك إلى ناحية أذربيجان في أول شهر ربيع الآخر من السنة ، وقد انضم إليه (آق) سنقر الأحمد يلي (٤) وخلق كثير من الأتراك.
ووردت الأخبار الى بغداد بأن عسكر السلطان مسعود كسر عسكر السلطان طغرل بن محمد (٥) بناحية همذان في ثامن عشر رجب من السنة ،
__________________
(١) القرآن الكريم ـ الزلزال : ٧ ـ ٨.
(٢) في الأصل أخاه ، وهو خطأ صوابه ما أثبتنا.
(٣) أضيف ما بين الحاصرتين اعتمادا على ما جاء في القرآن الكريم : البقرة : ٦٣ ، ٩٣ ؛ الأعراف : ١٤٥ ، ١٧١.
(٤) في الأصل سنقر وأحمد يلي ، وهو تصحيف قوم من الكامل لابن الأثير : ٨ / ٣٣٩.
(٥) في الأصل «ابن محمود» وهو تصحيف صوابه ما أثبتنا ، انظر الكامل لابن الأثير : ٨ / ٣٣٩ ـ ٣٤٠.