وتفرق عسكره في البلاد ، وعاد السلطان مسعود إلى (١٣١ و) منزله ، وخطب له في جامع همذان.
وفي هذه السنة عزم شمس الملوك اسماعيل بن تاج الملوك على قصد حماة لمنازلتها ، واستعادتها من أيدي الغالبين عليها ، وملكتها ، وقد كان أخفى هذا العزم في نفسه ، ولم يظهر عليه غيره ، وشرع في التأهب لذاك والاستعداد للمصير إليها ، وقد كانت الأخبار انتهت إلى الحافظ لها بهذا الاعتزام ، فبالغ في التحصين لها ، والتأهب للذب عنها ، والمراماة دونها ، وأعد لذلك كل آلة يحتاج إليها ، ويعتمد عليها ، وانتهى الخبر بهذه الحال إلى شمس الملوك ، فلم يحفل بهذا الأمر ولا ثبطه عنه ، بل برز في العشر الأخير من شهر رمضان سنة سبع وعشرين.
ولم يبق من مقدمي أمرائه وخواصه إلا من أشار عليه بابطال هذه الحركة ، واستوقف عزمه عنها ، وهو لا يحفل بمقال ، ولم يسمع منه جواب خطاب ، وقيل له : تهمل هذا الى فراغ صوم هذه الأيام القلائل من هذا الشهر المبارك ، وتقضي سنّة العيد ، ويكون التوجه بعده الى ذلك المكان ، فلم يصغ إلى أحد في هذا الرأي ، ولا عمل بمشورة إنسان ، وبنى أمره على قصدها ، وأهلها غارون ، ومن بها من الحماة غافلون ، لتحققهم أنه لا ينهض أحد في هذه الأيام إلا بعد العيد وترفيه الجند ، ثم إنه رحل في الحال إليها ، وأغذ السير حتى نزل عليها ، وهجم في يوم العيد على من فيها ، فراعهم ما أحاط من البلاء بهم ، وزحف إليهم من وقته في أوفر عدة ، وأكمل عدة ، فتحصنوا بالدروب والرحال ، وصبروا على الرشق بالسهام والنبال ، وعاد العسكر في ذلك اليوم ، وقد نكا فيهم نكاية ظاهرة من القتل والجرح والنهب والسلب ، وباكرهم من غده في الفارس والراجل ، وفرقهم حول البلد من جميع نواحيه ، ثم زحف في خواصه من الغلمان الأتراك ، وجماعة وافرة من الرجالة والخيالة