الاستيحاش ، والخوف على نفسه ، من أمر يدبر عليه على أن الأعمال ، كانت
__________________
ما لا تقدر على دفعه ، وبعد هذا إيش تنتظر؟ فقال له : يا أمير حسان أنتظر الفرج من الله تعالى ، وما انتظرت على منبج لما حاصرها الأمير بلك ، وكفاك الله أمره.
فقال جمال الدين : والله ما كان إلا تلك الليلة نصف الليل ، وكان ذلك اليوم الأربعاء خامس شهر ربيع الآخر ، وقيل تاسعه سنة احدى وأربعين وخمسمائة ، والصائح جاءنا من القلعة يصيح : قتل أتابك ، واختبط الناس وماجوا ، وكان سبب ذلك أن الأمير أتابك كان يبيت في الخيمة وعنده خادم ، فما كان يبيت عنده غيره ، فلما نام تلك الليلة قتله الخادم في الخيمة ، وأخذ السكين بالدم وخرج وطلع الى الربض الى تحت القلعة وصاح إليهم : قتلت أتابك ، فلم يصدقوه ، فأراهم السكين وعلامة أخرى كان أخذها من عنده ، فأصعدوه إليهم وحققوا الحال منه ، وصاحوا ، فاختبط الناس واختلفوا ، وقصد الناس مخيم جمال الدين الوزير فنهب وانهزم ، وجاء إلي ، وقصدني الأمراء والكبار وركبت وقالوا : ما رأي الملك؟ فقصدوا وقصدت خيمة ألب أرسلان بن محمود وقلت : أنا والناس وأتابك ، غلمان الملك ، والبلاد له والكل خدمة ، ومماليك السلطان فاجتمع الناس على الملك ، وتفرق الناس فرقتين ، فأخذ صلاح الدين محمد بن أيوب الياغيسياني نور الدين محمود بن أتابك وعسكر الشام ، ومضوا الى الشام ، فملك حلب وحماة ومنبج وحران وحمص ، وجميع ما بيد أتابك من الشام واستقر به ، وسرنا نحن مع الملك وعساكر ديار ربيعة فطلبنا الموصل ، فوصلنا الى سنجار ، فانهزم الملك ، وطلب الجزيرة ، فلحقه أخي تاج الدين أبو طاهر يحيى بن الشهرزوري ، رحمهالله ، وعز الدين أبو بكر الدبيسي ، وحلفا له ، ورداه الى المعسكر ، ونزلوا الى الموصل».
ولتوضيح بعض ما جاء في نص الفارقي روى ابن العديم في ترجمة زنكي قال : «أخبرني الأمير بدران بن جناح الدولة حسين بن مالك بن سالم بن مالك العقيلي قال : لما طال حصار أتابك زنكي لعمي علي بن مالك على قلعة جعبر تقدم حسان البعلبكي صاحب منبج الى عمي وقال له من تحت القلعة : يا أمير علي ايش بقي يخلصك من أتابك ، فقال له : يا عاقل يخلصني الذي خلصك من جب خرتبرت ، فذبح أتابك في تلك الليلة ، وكان حسان قد قبض عليه بلك بن بهرام بن أرتق ، وطلب منه أن يسلم إليه منبج فلم يفعل فسيره الى خرتبرت وحبسه في جب بها ، وحاصر منبج ، فجاءه سهم فقتله عليها ، وخلص حسان ، وعاد الى منبج».