وفي ليلة الجمعة الثالث من شهر ربيع الأول من السنة توفي الفقيه شيخ الاسلام أبو الفتح ، نصر الله بن محمد بن عبد القوي المصيصي ، بدمشق رحمهالله ، وكان بقية الفقهاء المقيمين على مذهب الشافعي رحمهالله ولم يخلف مثله بعده (١).
وفي جمادى الآخرة منها ، تقررت ولاية حصن صرخد للأمير مجاهد الدين بزان بن مامين ، على مبلغ من المال والغلة ، وشروط وأيمان دخل فيها ، وقام بها ، وتوجه اليه ، وحصل به في النصف من الشهر المذكور ، واستبشر من بتلك الناحية من حصوله فيه ، لما هو عليه من حب الخير والصلاح والتدين والعفاف ، عقيب من كان قبله ، ممن لا يدين لله بدين ولا صلاة ، ولا إنصاف ولا نزاهة نفس ، ولا جميل فعل.
وفي هذه السنة وردت الأخبار من ناحية مصر بأن رضوان بن ولخشي ، المنعوت كان بالأفضل ، وزير صاحب مصر ، الذي كان معتقلا بالقصر ، وقد تقدم ذكره فيما مضى ، نقب من المكان الذي كان فيه الى مكان ظاهر القصر ، نقبا يكون تقدير طوله أربعون ذراعا ، واجتمع إليه خلق كثير من العسكرية ، ممن كان يهواه ، ويتولاه في العشر الأخير من ذي القعدة سنة اثنتين وأربعين وأنه راسل سلطان مصر يلتمس منه إعادته الى منصبه وإخراج المال لينفق على العسكرية والأجناد ، فعاد الجواب إليه بالوعد (١٦٠ ظ) بالإجابة على سبيل المغالطة والمدافعة ، الى حين دبّر الأمر عليه ، ورتب له من الرجال الأجلاد
__________________
(١) ترجم له السبكي في الطبقات الكبرى : ٤ / ٣١٩ وقال عنه : «الشيخ أبو الفتح المصيصي ثم اللاذقي ثم الدمشقي ، الامام فقها وأصولا وكلاما ، مولده سنة ثمان وأربعين وأربعمائة ونشأ بصور وسمع بها ... وبدمشق ... وببغداد. وبالأنبار ... ثم سكن دمشق ودرس بالزاوية الغربية وهي الغزالية ... وبه كثرت أوقافها ، لأن كثيرا من الناس وقفوا بعده عليها ، ومنهم من وقف عليها ابتداء بواسطته ، وهو أيضا وقف شيئا جيدا».