النائرة ، وزالت تلك الفتنة الثائرة ، وسكنت النفوس ، وزال عن مصر الخوف والبؤس (١).
ووردت الأخبار في رجب منها من ناحية حلب ، بأن نور الدين صاحبها ، كان قد توجه في عسكره الى ناحية الأعمال الافرنجية ، وظفر بعدة وافرة من الأفرنج ، وأن صاحب أنطاكية جمع الافرنج ، وقصده على حين غفلة منه ، فنال من عسكره وأثقاله وكراعه ما أوجبته الأقدار النازلة ، وانهزم بنفسه وعسكره ، وعاد الى حلب سالما في عسكره لم يفقد منه إلا النفر اليسير بعد قتل جماعة وافرة من الأفرنج ، وأقام بحلب أياما (٢) ، بحيث جدد ما ذهب له من اليزك (٣) ، وما يحتاج إليه من آلات العسكر ، وعاد إلى منزله ، وقيل لم يعد.
وكان الغيث أمسك عن الأعمال الحورانية والغوطية والبقاعية ، بحيث امتنع الناس من الفلاحة الزراعية وقنطوا ويئسوا من نزول الغيث ، فلما كان في أيام من شعبان في نوء الهنعة (٤) أرسل الله تعالى ، وله الحمد والشكر ، على الأعمال من الأمطار المتداركة ما رويت به الأراضي والآكام والوهاد ، وانشرحت الصدور ، ولحقوا معه أوان الزراعة ، فاستكثروا منها ، وزادوا في الفلاحة ، والعمارة وذلك في شعبان.
وقد كان تقدم من شرح نوبة قتل برق بن جندل التيمي بيد الاسماعيلية
__________________
(١) في اتعاظ الحنفا : ٣ / ١٨٦ «وعقدوا لرجل قدم من المغرب ، وادعى أنه ولد نزار بن المستنصر ، إنما لا تبيان لاسمه».
(٢) انظر الخبر مفصلا في الكواكب الدرية في السيرة النوية لابن قاضي شبهه. ط. بيروت ١٩٧١ : ١٣٠. الروضتين. ط. مصورة بيروت : ١ / ٥٥.
(٣) في الأصل : «البرك» وهو تصحيف صوابه ما أثبتنا ، واليزك نوع من الحرس الطليعي للجيش. انظر المادة في معجم دوزي.
(٤) النوء : النجم مال للغروب ، والهنعة منكب الجوزاء الأيسر وهي خمسة أنجم مصطفة ينزلها القمر. القاموس المحيط.