والأمير قيس ، والأمير علي بن دبيس بن صدقة اجتمعوا ، وتوافقوا في تقدير خمسة آلاف فارس ، ووصلوا إلى بغداد على حين غفلة من أهلها ، وهجموها وحصلوا بدار السلطان ، وتناهوا في الفساد والعناد ، بحيث وقعت الحرب بينهم ، وقتل من النظار وغيرهم نحو خمسمائة إنسان في الطرقات ، وأن أمير المؤمنين المقتفي لأمر الله ، رتب الأجناد والعسكرية بإزائهم ، بحيث هزموهم وأخرجوهم من بغداد ، وطلبوا ناحية النهروان ، وتناهوا في العيث والإفساد في الأعمال والاستيلاء على الغلال ، وخرج أمر الخلافة بالشروع في عمارة سور بغداد ، وحفر الخنادق ، وتحصينها ، وإلزام الأماثل والتناء والتجار وأعيان الرعايا القيام بما ينفق على العمارات من أموالهم ، على سبيل القرض والمعونة ، ولحق الناس من ذلك المشقة والكلفة المؤلمة (١).
وذكر أن السلطان ركن الدين مسعود مقيم بهمذان ، وأن أمره قد ضعف عما كان ، والأقوات قد قلّت ، والسعر قد غلا ، والفتن (١٦٣ ظ) قد ثارت ، والفساد في الأعمال قد انتشر ، وأن العدوان في أعمال خراسان قد زاد ، وظهر ، والفناء قد كثر.
وفي هذه السنة وردت الأخبار من ديار مصر ، بظهور بعض أولاد نزار ، واجتمع إليه خلق كثير من المغاربة وكتامة وغيرهم ، وقربوا من الإسكندرية في عالم عظيم ، وأن إمام مصر الحافظ أنهض إليهم العساكر المصرية ، ونشبت الحرب بينهم ، وقتل من الفريقين العدد الكثير من الفرسان والرجالة ، وكان الظهور لعساكر الحافظية على النزارية ، بحيث هزموهم ، وأثخنوا القتل فيهم ، وأجلت الوقعة عن قتل ولد نزار المقدم ، ومعه جماعة من خواصه وأسبابه ، وانهزم من ثبطه الأجل ، وأطار قلبه الوجل ، وخمدت عقيب هذه النوبة
__________________
(١) لمزيد من التفاصيل انظر المنتظم : ١٠ / ١٣٧ ـ ١٣٨.