ورحيلهم على القضية المشروحة ، وهذا الشريف المذكور من بيت كبير في الشرف والفضل والأدب ، وأخوه ضياء الدين نقيب الأشراف في الموصل ، مشهور بالعلم والأدب والفهم ، وكذا ابن عمه الشريف نقيب العلويين ببغداد ، وابن عمه نقيب خراسان ، وأقام بدمشق ما أقام ، وظهر من حسن تأتيه في مقاصده ، وسداده في مصادره وموارده ، ما أحرز به جميل الذكر ، ووافر الشكر ، وعاد منكفئا إلى بغداد بجواب ما وصل (١٦٣ و) فيه يوم الأربعاء الحادي عشر من رجب سنة ثلاث وأربعين.
وفي رجب في هذه السنة ورد الخبر من ناحية حلب بأن صاحبها نور الدين أتابك ، أمر بابطال «حي على خير العمل» في أواخر تأذين الغداة ، والتظاهر بسب الصحابة رضياللهعنهم ، وأنكر ذلك إنكارا شديدا ، وحظر المعاودة الى شيء من هذا المنكر ، وساعده على ذلك الفقيه الإمام برهان أبو الحسن علي الحنفي وجماعة من السنة بحلب ، وعظم هذا الأمر على الإسماعيلية ، وأهل الشيع ، وضاقت له صدورهم ، وهاجوا له وماجوا ، ثم سكنوا ، وأحجموا بالخوف من السطوة النورية المشهورة ، والهيبة المحذورة (١).
وفي رجب من هذه السنة أذن لمن يتعاطى الوعظ بالتكلم في الجامع المعمور بدمشق ، على جاري العادة والرسم ، فبدا من اختلافهم في أحوالهم وأغراضهم ، والخوض فيما لا حاجة إليه من المذاهب ، ما أوجب صرفهم عن هذه الحال ، وإبطال الوعظ لما يتوجه معه من الفساد ، وطمع سفهاء الأوغاد ، وذلك في أواخر شعبان منها.
وفي جمادى الآخرة منها ، وردت الأخبار من بغداد باضطراب الأحوال فيها ، وظهور العيث والفساد في نواحيها وضواحيها ، وأن الأمير بوزبه ،
__________________
(١) انظر تفاصيل أوسع في زبدة الحلب : ٣٢ / ٢٩ ـ ٢٩٦.