وأنهما قصدا الحصن المجاور لطرابلس المعروف [بالعريمة](١) وفيه ولد الملك ألفنش أحد ملوك الأفرنج المقدم ذكرهم ، كان هلك بناحية عكا ، ومعه والدته ، وجماعة وافرة من خواصه وأبطاله ، ووجوه رجاله ، فأحاطوا به ، وهجموا عليه ، وقد كان وصل إلى العسكرين النوري والمعيني فرقة تناهز الألف فارس ، من عسكر سيف الدين غازي بن أتابك ، ونشبت الحرب بينهم فقتل أكثر من كان فيه ، وأسر ، وأخذ ولد الملك المذكور وأمه ، ونهب ما فيه من العدد والخيول والأثاث ، وعاد عسكر سيف الدين (٢) إلى مخيمه بحمص ، ونور الدين عائدا إلى حلب ومعه ولد الملك وأمه ومن أسر معهما وانكفأ معين الدين الى دمشق.
وقد كان ورد إلى دمشق الشريف الأمير شمس الدين ، ناصح الاسلام ، أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبيد الله الحسيني النقيب ، من ناحية سيف الدين غازي بن أتابك ، لأنه كان قد ندب رسولا من الخلافة إلى سائر الولاة ، وطوائف التركمان لبعثهم على نصرة المسلمين ، ومجاهدة المشركين ، وكان ذلك السبب في خوف الأفرنج من تواصل الإمداد إليهم ، والاجتماع عليهم
__________________
(١) فراغ بالأصل ، استدرك من الكامل لابن الأثير : ٩ / ٢١. والعريمة كانت احدى قلاع الساحل السوري تربض فوق جرف يتاخم السهل العريض الذي يجتازه النهير الكبير ، وتتحكم بمدخل وادي الأبرش. القلاع أيام الحروب الصليبية : ٦٥. وتمت الحملة ضد العريمة بناء على اقتراح من ريموند الثاني صاحب طرابلس نظرا لاحتلال العريمة من قبل أرملة ألفونسو صاحب تولوز وابنه ، وكان هذا الابن حفيدا لريموند صاحب تولوز ولهذا ادعى الحق ليس في ملك العريمة فحسب بل في عرش طرابلس. انظر وليم الصوري : ٢ / ١٩٧. وكتاب «الصليبيون في المشرق» تأليف ستيفنسون. ط. بيروت ١٩٦٨ (بالانكليزية) ص : ١٦٤ ـ ١٦٥.
(٢) ذكر سبط ابن الجوزي أثناء حديثه عن حصار دمشق : ٢ / ١٩٧ ـ ١٩٨ : «وكان معين أنر كاتب سيف الدولة غازي صاحب الموصل قبل نزول الفرنج على دمشق ، يستصرخ به ويخبره بشدة بأس الفرنج ، ويقول : أدركنا ، فسار سيف الدين في عشرين ألف فارس ، فنزل بجوار بحيرة حمص».