وورد الخبر في الخامس من المحرم من ناحية حلب بأن عسكرها من التركمان ظفر بابن جوسلين صاحب أعزاز وأصحابه ، وحصوله في قبضة الأسر في قلعة حلب ، فسر بهذا الفتح كافة الناس.
وورد الخبر بأن الملك (١) مسعود وصل في عسكره طالبا أنطاكية ، ونزل على تل باشر ، وضايقها في أيام من المحرم.
وفي أيام من المحرم وصل الى دمشق جماعة من حجاج العراق وخراسان المأخوذين في طريق الحج عند عودهم ، لجماعة من كفار العربان وزطهم وأوباشهم ، تجمعوا في عدد دثر ، وحكوا مصيبة ما نزل مثلها بأحد في السنين الخالية ، ولا يكون أشنع منها ، وذكر أنه كان في هذا الحج من وجوه خراسان وتنائها وفقهائها وعلمائها وقضاتها ، وخواتين أمراء العسكر السلطانية والحرم العدد الكثير ، والأموال الجمة ، والأمتعة الوافرة ، فأخذ جميع ذلك وقتل الأكثر ، وسلم الأقل إلّا نزر ، وهتكت النساء ، وسلبوا ، وهلك من هلك بالجوع والعطش ، فضاقت الصدور لهذه النازلة الفادحة ، والرزيئة الحادثة ، فكسا العاري منهم ، وأطلق لهم ما استعانوا بقدره على عودهم الى أوطانهم ، من أصحاب المروءة والمقدمين بدمشق ، وذلك بتقدير الحكيم القدير (٢).
وقد كان نور الدين عقيب رحيله عن دمشق ، وحصول ابن جوسلين في قلعة حلب أسيرا ، توجه في عسكره الى اعزاز بلد ابن جوسلين ، ونزل عليها ، وضايقها وواظب قتالها ، الى أن سهل الله تعالى ملكتها بالأمان ، وهي على غاية من الحصانة والمنعة والرفعة ، فلما تسلمها رتب فيها من ثقاته من وثق به ،
__________________
(١) هو «الملك مسعود بن قلج أرسلان صاحب قونية» وكان نور الدين زوجا لابنته. انظر زبدة الحلب : ٢ / ٣٠١.
(٢) لمزيد من التفاصيل أنظر الكواكب الدرية : ١٣٦. ونقل صاحب الروضتين هذا النص : ١ / ٧٧.