وفي شوال تقررت الموادعة والمهادنة بينه وبين ملك الأفرنج مدة سنة كاملة أولها شعبان ، وأن المقاطعة المحمولة إليهم من دمشق ثمانية آلاف دينار صورية ، وكتبت المواصفة بذلك بعد تأكيدها بالأيمان بالمواثيق المشددة ، وكان المعروف بأبي سالم بن همام الحلبي قد ولي مشارفة الديوان بدمشق ، بعناية الأمير أسد الدين النائب عن الملك العادل نور الدين ، فظهر منه خيانات اعتمدها ، وتفريطات قصدها بجهله وسخافة عقله وتقصيره ، فأظهرها قوم من المتصرفين عند الكشف عنها ، والتحقيق لها ، فاقتضت الحال القبض عليه والاعتقال له إلى أن يقوم بما وجب عليه ، فلما كان في يوم الأحد السادس عشر من شوال سنة إحدى وخمسين وخمسمائة خرج الامر السامي النوري بالكشف عن سعاياته في فضول كان غنيا عنها ، فاقتضت الحال بأن تحلق لحيته ويركب حمارا مقلوبا ، وخلفه من يعلوه بالدرة ، وأن يطاف به في أسواق دمشق بعد سخام وجهه ، وينادي عليه : «هذا جزاء كل خائن ونمام» ثم أقام بعد ذلك في الاعتقال أياما ، ثم أمر بنفيه الى حلب بشفاعة من شفع فيه من مقدمي الدولة السعيدة ، فمضى على أقبح صفة من لعن الناس ، ونشر مخازيه ، وتعديد مساويه.
وفي شعبان من السنة وردت الأخبار من ناحية مصر بارتفاع أسعار الغلة بها ، وقلة وجودها ، وشدة إضرارها بالضعفاء والمساكين وغيرهم ، وأمر المتولي لأمرها التناء والمحتكرين لها ببيع الزائد على أقواتهم على المقلين والمحتاجين ، ووكد الخطاب في ذلك ، وما زادت الحال إلا شدة مع ما ذكر من توفية النيل في السنة.
وفي شعبان وردت الأخبار من ناحية العراق ، بخلاص السلطان سنجر ابن السلطان العادل من ضيق الاعتقال المتطاول به ، بتدبير أعمل على الموكلين به ، ووعود وافية ، بحيث أجابوا الى ذلك ، وعاد الى مكانه من السلطنة ،