فقتل ، فلما بلغ ذلك الوزير عظم عليه واغتمّ له (١) ، وأعلم الوزير العزيز وقال : هذا مبدأ عصيان بكجور ، وقد تمكن من البلد وجاء معه ابن جراح ، وهو عدوّ ، فلما كان في سنة سبع وسبعين عزم الوزير على العمل على قتل بكجور (٢٨ و) فأنفذ إلى غلام نصراني عطار يعرف بابن أخي الكويس من أهل دمشق أن «احتل على قتل بكجور» ، ولم يكن النصراني من أهل ذاك ، فقال : لا يتم هذا الأمر إلا برجل من الجند من أصحابه يعين على هذا الأمر ، فكتب رقعة بما يريد إلى بعض أصحاب بكجور ، فلما وصلت الرقعة إليه ونظر ما فيها فظن أن بكجور دسها إليه ليبلوه بها فأوصل الرقعة إلى بكجور ، فوقف عليها ، وقال : أريد من جاءك بها ، فقال : إنما أوصلتها اليك لأبرأ من أمرها ولا أكتمها عنك ، فلم يقبل قوله ولجّ في طلبه ، وقال له : إن الذي أوصل الرقعة أجير لابن أخي الكويس العطار ، فوجه قبض عليه وعلى الأجير ووضع العقوبة على العطار ، وقال : أريد الصبي ، وقبض على قوم كانوا يعاشرون العطار فكحلهم (٢) ونفاهم ، وكان فيهم ثلاثة من أهل العلم والفضل يقال لأحدهم ابن الخطابي ، والآخر الخلادي ، والثالث المستولي ، وأخرج ابن الكويس بعد ما صفّي ومعه رجلان من المتهمين فصلبوا أقبح صلب ، وماتوا في غد ذلك اليوم في رمضان سنة سبع وسبعين ، وبلغ الخبر الوزير ابن كلس فعظم عليه ، وازداد حنقا وأعلم العزيز ذاك ، واتفق أن يخرج إليه عسكر ومعه [ابن] جرّاح (٣) وشرع بكجور في أذية الناس من أصحاب الوزير في ضياعه ، وجار في البلد جورا عظيما ، ولم يخل من القتل والصلب والفتك فجرد إليه في سنة ثمان وسبعين القائد منير الخادم في عسكر كثيف ، وأصدرت
__________________
(١) انظر المقريزي اتعاظ الحنفاء : ١ / ٢٥٩ ـ ٢٦٠.
(٢) أي سمل عيونهم بواسطة اطباق الجفنين على بعضهما ثم المرور عليهما بميل مكحلة محمى بالنار.
(٣) اضيف ما بين الحاصرتين تصحيحا ، ويبدو أن هناك سقط في الأصل ، والمقصود هنا أن العسكر الموجه هو ضد بكجور وابن الجراح ، انظر سياق بقية الخبر واتعاظ الحنفا : ١ / ٢٥٩.