تقرر بين الأمير علي بن جولة زوج ابنته ، ومن وافقه من أعيان خاصته وأماثل بطانته ، وكان فيه إفراط من التحرز واستعمال التيقظ ولكن القضاء لا يغالب ولا يدافع ، والمحتوم النافذ لا يمانع.
وفي أول ليلة الأحد العشرين من شوال من السنة ، توفي الشيخ أبو محمد عبد الرحمن بن أحمد بن سلامة السكوني بمرض عرض له ، وقد علت سنه ، وبلغ سبعا وتسعين سنة ، المعروف بابن الحراسي ، وكان شيخا ظريفا ، حسن الهيئة ، نظيف اللبسة ، أديبا فاضلا حسن المحاضرة عند (١٨٨ ظ) المباثثة والمذاكرة ، وكان أكثر زمانه مقيما بشيزر بين آل منقذ مكرّما محترما رحمهالله.
وفي ليلة السبت العاشر من ذي القعدة من السنة ، وافت أولها زلزلة ، رجفت لها الأرض ووجلت لها القلوب ، وتبعها عدة أخف من الأولى ، وفي غد هذا اليوم بعد مضي تقدير ساعتين منه ، وافت زلزلة وأخرى في إثرها ، وسكنهن المحرك لهن بقدرته وحكمته ، وسلم منهن برحمته ورأفته ، سبحانه وتعالى الرؤوف الرحيم.
وكان الغيث قد احتبس وسميّه عن العادة المعروفة ، واحتاج ما بذر من الغلال الى سقيه ، وضاقت الصدور لذلك ، وقنطت النفوس ، ثم بعث الله برحمته لخلقه ، في أول ذي القعدة منه ما روى الوهاد والآكام ، وعم حوران وسائر البقاع ، وسرت بذلك النفوس ، وانحط سعر الغلة بعد ارتفاعه ، فلله الحمد على انعامه على عبيده ، وله الشكر.
وفي ليلة الجمعة الثالث والعشرين من ذي القعدة التالي لما تقدم بعد مضي ساعة منها ، وافت زلزلة روعت القلوب ، وهزت المنازل والمساكن ، ثم سكّنها محركها بقدرته القاهرة ، ورحمته الواسعة ، فله الحمد والشكر رب العالمين.