ولم تلحق ، فوقفت له المرأة في مضيق ، فلما قاربها رمتها إليه ، فسارع الركابي الى أخذ الرقعة على العادة ، وغاصت المرأة في الناس ووقف العزيز عليها ، وأمر بطلب المرأة فلم توجد وعاد إلى قصره منعم الفكر في أمره ، فاستدعى قاضي قضاته أبا عبد الله محمد بن النعمان ، وكان متقدما عنده في خواصه وأهل أنسه ، فأعطاه الرقعة وقال له : قف عليها ، فلما قرأها قال له : ما عندك في هذا الأمر؟ قال : مولانا أعرف بوجه الرأي والتدبير ، فقال : صدقت كاتبتها نبهتنا على ما كنّا على غلط فيه وغفلة (٢٥ و) عنه ، وتقدّم في الحال بالقبض على عيسى بن نسطورس وسائر الكتّاب النصارى وإنشاء الكتب الى الشام بالقبض على منشا بن الغرار والمتصرفين من اليهود ، وأن ترد الأعمال في الدواوين إلى الكتّاب المسلمين ، ويعول في الاشراف عليهم على القضاة في البلاد ، ثم ان عيسى طرح على ست الملك بنت العزيز ، وكان يحبها حبا شديدا (١) ولا يرد لها قولا ، واستشفع بها في الصفح عنه ، وتجديد الاصطناع له ، وحمل إلى الخزانة ثلاثمائة ألف دينار ، وكتب إلى العزيز رقعة يذكر فيها بخدمته ، وحرمته فرضي عنه وأعاده إلى ما كان عليه ، وشرط عليه استخدام المسلمين في دواوينه وأعماله.
* * *
__________________
(١) أي العزيز.