الحيلة عليه والمكر به ليصل العسكر من الرملة ويحيط به ، وقد كان نفذ كتاب ابن أبي هشام (١) من دمشق إلى منشا بن الغرار كاتب الجيش ، يقول : «جدّوا في السير لأخذ البلد» ، وكان مراده بذاك المداراة من خوف الشر ، فلما وصل الكتاب إلى منشا أنفذه الى العزيز منجوتكين (٢) ووقف عليه فوجد فيه خلاف ما ذكر عن أهل دمشق فنهاهم عن احراقها ، وسار منجوتكين من الرملة وقرب من طبرية ، وجمع منير (٢٩ ظ) عسكره ، وخرج يريد نزالا ، فالتقوا بمرج عذراء ، فانهزم منير ، وأتت المغاربة على الرّجالة الذين كانوا معه ، وذلك في يوم الاثنين التاسع عشر من شهر رمضان سنة احدى وثمانين فلما انهزم منير أخذ في الجبال حتى أخرج إلى أرض جوسية يريد قصد حلب ، فخرج عليه عرب من الأحلاف فأخذوه ووصلوا به إلى دمشق ، فوجدوا منجوتكين قد نزل عليها فسلموه إليه لطلب الجائزة ، فشهره على جمل وقرن به قردا ومعه من أصحابه نحو من مائة رجل على الجمال وعليهم الطراطير لأنهم انقطعوا فأخذهم والي بعلبك يقال له جلنار ، فأرسلهم إلى منجوتكين.
وأقام منجوتكين بدمشق بقية سنة احدى وثمانين فقوي بها ، وصار عسكره ثلاثة عشر ألفا ، فعم الناس البلاء في جميع الأحوال ، وصارت أفعالهم وسيرتهم إباحة الأموال والأنفس وسوء الأعمال ، ثم إنهم طمعوا في ملكة حلب بحكم موت أبي المعالي بن سيف الدولة صاحبها ، وقد كان العزيز لما انتدب منجوتكين أكرمه وعظمه وأمر القواد وطبقات الناس بالترجل له وتوفيته من الحق ما يوفى عظماء الأمراء والاسفهسلارية ، واستكتب له أحمد بن محمد القشوري وولي الشام ، وضمّ إليه أبا الحسن علي بن الحسين بن المغربي ليقوم بالأمر والتدبير ولما وصل الى حلب وكان نزوله عليها في ثلاثين ألفا من
__________________
(١) ليس بالمتيسر من المصادر ما يبين هويته ويعرفنا به.
(٢) كذا وفيها لبس والمقصود أن منجوتكين أنفذ الكتاب إلى الخليفة العزيز.