لا يقال فيه السحر ، وإنما الكلام في فعل المفتوح الفاء الساكن العين ، وفي ذلك خلاف. ذهب البصريون إلى أن فتح ما ورد من ذلك مقصور على السماع ، وهو مع ذلك مما وضع على لغتين ، لا أن أحدهما أصل للآخر. وذهب الكوفيون إلى أن بعضه ذو لغتين ، وبعضه أصله التسكين ثم فتح. وقد اختار أبو الفتح مذهب الكوفيين ، والاستدلال مذكور في كتب النحو. حيث : ظرف مكان مبهم لازم الظرفية ، وجاء جره بمن كثيرا وبفي ، وإضافة لدى إليه قليلا ، ولإضافتها لا ينعقد منها مع ما بعدها كلام ، ولا يكون ظرف زمان خلافا للأخفش ، ولا ترفع اسمين نائبة عن ظرفين ، نحو : زيد حيث عمر ، وخلافا للكوفيين ، ولا يجزم بها دون ما خلافا للفراء ، ولا تضاف إلى المفرد خلافا للكسائي ، وما جاء من ذلك حكمنا بشذوذه ، وهي مبنية وتعتقب على آخرها الحركات الثلاث ، ويجوز : حوث ، بالواو وبالحركات الثلاثة. وحكى الكسائي أن إعرابها لغة بني فقعس. القربان : معروف ، وهو الدنوّ من الشيء. هذه : تكسر الهاء باختلاس وإشباع ، وتسكن ، ويقال : هذي بالياء ، والهاء فيما ذكروا بدل منها ، وقالوا : ذ بكسر الذال بغير ياء ولا هاء ، وهي تأنيث ذا ، وربما ألحقوا التاء لتأنيث ذا فقالوا ذات مبنية على الكسر. الشجرة : بفتح الشين والجيم ، وبعض العرب تكسر الشين ، وإبدال الجيم ياء مع كسر الشين وفتحها منقول ، وخالف أبو الفتح في كون الياء بدلا ، وقد أطلنا الكلام على ذلك في تأليفنا (كتاب التكميل لشرح التسهيل). والشجر : ما كان على ساق ، والنجم : ما نجم وانبسط على الأرض ليس له ساق. الظلم : أصله وضع الشيء في غير موضعه ، ثم يطلق على الشرك ، وعلى الجحد ، وعلى النقص. والمظلومة : الأرض التي لم تمطر ، ومعناه راجع إلى النقص.
(وَقُلْنا يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ) الآية : لم يؤثر فيها سبب نزول سمعي ، ومناسبتها لما قبلها : أن الله لما شرف آدم برتبة العلم وبإسجاد الملائكة له ، امتن عليه بأن أسكنه الجنة التي هي دار النعيم. أباح له جميع ما فيها إلا الشجرة ، على ما سيأتي فيها ، إن شاء الله. وقلنا : معطوف على الجملة السابقة التي هي قوله تعالى : (وَإِذْ قُلْنا) : لا على قلنا وحده لاختلاف زمانيهما ، ومعمول القول المنادى وما بعده ، وفائدة النداء تنبيه المأمور له يلقى إليه من الأمر ، وتحريكه لما يخاطب به ، إذ هو من الأمور التي ينبغي أن يجعل لها البال ، وهو الأمر بسكنى الجنة. قالوا : ومعنى الأمر هنا إباحة السكنى والإذن فيها ، مثل : (وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا) (١) ، (فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ) (٢) ، لأن الاستقرار
__________________
(١) سورة المائدة : ٥ / ٢.
(٢) سورة الجمعة : ٦٢ / ١٠.