الإعراب ، وزعم أن قراءة أبي عمرو لحن ، وما ذهب إليه ليس بشيء ، لأن أبا عمرو لم يقرأ إلا بأثر عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم. ولغة العرب توافقه على ذلك ، فإنكار المبرد لذلك منكر ، وقال الشاعر :
فاليوم أشرب غير مستحقب |
|
إثما من الله ولا واغل |
وقال آخر :
رحت وفي رجليك ما فيهما |
|
وقد بدا هنك من المئزر |
وقال آخر :
أو نهر تيرى فما تعرفكم العرب
وقد خلط المفسرون هنا في الردّ على أبي العباس ، فأنشدوا ما يدل على التسكين مما ليست حركته حركة إعراب. قال الفارسي : أما حركة البناء فلم يختلف النحاة في جواز تسكينها ، ومما يدل على صحة قراءة أبي عمرو ما حكاه أبو زيد من قوله تعالى : (وَرُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ) (١). وقراءة مسلمة بن محارب : (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذلِكَ) (٢). وذكر أبو عمرو : أن لغة تميم تسكين المرفوع من يعلمه ونحوه ، ومثل تسكين بارئكم ، قراءة حمزة ، (وَمَكْرَ السَّيِّئِ) (٣). وقرأ الزهريّ : باريكم ، بكسر الياء من غير همز ، وروي ذلك عن نافع. ولهذه القراءة تخريجان أحدهما : أن الأصل الهمز ، وأنه من برأ ، فخففت الهمزة بالإبدال المحض على غير قياس ، إذ قياس هذا التخفيف جعلها بين بين. والثاني : أن يكون الأصل باريكم ، بالياء من غير همز ، ويكون مأخوذا من قولهم : بريت القلم ، إذا أصلحته ، أو من البري : وهو التراب ، ثم حرك حرف العلة ، وإن كان قياسه تقديرا لحركة في مثل هذا رفعا وجرا ، وقال الشاعر :
ويوما توافينا الهوى غير ماضي
وقال آخر :
ولم تختضب سمر العوالي بالدم
وقال آخر :
__________________
(١) سورة الزخرف : ٤٣ / ٨٠.
(٢) سورة البقرة : ٢ / ٢٢٨.
(٣) سورة فاطر : ٣٥ / ٤٣.