اتصلت برضا الرب. فلا يخفف معطوف على الصلة ، ويجوز أن يوصل الموصول بصلتين مختلفتين زمانا ، تقول : جاءني الذي قتل زيدا بالأمس ، وسيقتل غدا أخاه ، إذ الصلاة هي جمل ، فمن يشترط اتحاد زمان أفعالها بخلاف ما ينزل من الأفعال منزلة المفردات ، فإنهم نصوا على اشتراط اتحاد الزمان مضيا أو غيره ، وعلى اختيار التوافق في الصيغة ، وجوّز أن يكون أولئك مبتدأ ، والذين بصلته خبرا. وفلا : يخفف خبر بعد خبر ، وعلل دخول الفاء لأن الذين ، إذا كانت صلته فعلا ، كان فيها معنى الشروط ، وهذا خطأ ، لأن الموصول هنا أعربه خبرا عن أولئك ، فليس قوله فلا يخفف خبرا عن الموصول ، إنما هو خبر عن أولئك ، ولا يسري للمبتدأ الشرطية من الموصول الواقع خبرا عنه. وجوز أيضا أن يكون أولئك مبتدأ ، والذين مبتدأ ثان ، وفلا يخفف خبر عن الذين ، والذين وخبره خبر عن أولئك. قيل : ولم يحتج إلى عائد ، لأن الذين هم أولئك ، كما تقول : هذا زيد منطلق ، وهذا خطأ ، لأن كل جملة وقعت خبرا لمبتدأ فلا بد فيها من رابط ، إلا إن كانت نفس المبتدأ في المعنى ، فلا يحتاج إلى ذلك الرابط. وقد أخبرت عن أولئك بالمبتدأ الموصول وبخبره ، فلا بد من الرابط. وليس نظير ما مثل به من قوله : هذا زيد منطلق ، لأن زيد منطلق خبران عن هذا ، وهما مفردان ، أو يكون زيد بدلا من هذا ، ومنطلق خبرا. وأما أن يكون هذا مبتدأ ، وزيد مبتدأ ثانيا ، ومنطلق خبرا عن زيد ، ويكون زيد منطلق جملة في موضع الخبر عن هذا ، فلا يجوز لعدم الرابط. وأيضا فلو كان هنا رابط ، لما جاز هذا الإعراب ، لأن الذين مخصوص بالإشارة إليه ، فلا يشبه اسم الشرط ، إذ يزول العموم باختصاصه ، ولأن صلة الذين ماضية لفظا ومعنى. ومع هذين الأمرين لا يجوز دخول الفاء في الجملة الواقعة خبرا. والتخفيف هو التسهيل ، وقد حمل نفي التخفيف على الانقطاع ، وحمل أيضا على التشديد. والأولى جملة على نفي التخفيف بالانقطاع ، أو بالتقليل منه ، أو في وقت ، أو في كل الأوقات ، لأنه نفي للماهية ، فيستلزم نفي أشخاصها وصورها. والظاهر من النفي بلا ، والكثير فيها أنه نفي في المستقبل. وقد فسر الزمخشري نفي التخفيف بأن ذلك في الدنيا والآخرة ، ففي الدنيا بنقصان الجزية ، وكذلك نفي النصر في الدنيا والآخرة. ومعنى نفي النصر : أنهم لا يجدون من يدفع عنهم ما حل بهم من عذاب الله.
(وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ) : جملة اسمية معطوفة على جملة فعلية ، ويجوز أن تكون فعلية وتكون المسألة من باب الاشتغال ، فيكون هم مرفوعا بفعل محذوف يفسره ما بعده ، على حدّ قوله :