طريق السنة والجماعة ، قاله القشيري ، أو طريق الخوف والرجاء ، قاله الترمذي ، أو جسر جهنم ، قاله عمرو بن عبيد.
وروي عن المتصوفة في قوله تعالى : (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) أقوال ، منها : قول بعضهم : (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) بالغيبوبة عن الصراط لئلا يكون مربوطا بالصراط ، وقول الجنيد أن سؤال الهداية عند الحيرة من أشهار الصفات الأزلية ، فسألوا الهداية إلى أوصاف العبودية لئلا يستغرقوا في الصفات الأزلية. وهذه الأقوال ينبو عنها اللفظ ، ولهم فيما يذكرون ذوق وإدراك لم نصل نحن إليه بعد. وقد شحنت التفاسير بأقوالهم ، ونحن نلم بشيء منها لئلا يظن أنا إنما تركنا ذكرها لكوننا لم نطلع عليها. وقد رد الفخر الرازي على من قال إن الصراط المستقيم هو القرآن أو الإسلام وشرائعه ، قال : لأن المراد صراط الذين أنعمت عليهم من المتقدمين ولم يكن لهم القرآن ولا الإسلام ، يعني بالإسلام هذه الملة الإسلامية المختصة بتكاليف لم تكن تقدمتها. وهذه الرد لا يتأتى له إلا إذا صح أن الذين أنعم الله عليهم هم متقدمون ، وستأتي الأقاويل في تفسير الذين أنعم الله عليهم ، واتصال نا باهد مناسب لنعبد ونستعين لأنه لما أخبر المتكلم أنه هو ومن معه يعبدون الله ويستعينونه سأل له ولهم الهداية إلى الطريق الواضح ، لأنهم بالهداية إليه تصح منهم العبادة. ألا ترى أن من لم يهتد إلى السبيل الموصلة لمقصوده لا يصح له بلوغ مقصوده؟ وقرأ الحسن ، والضحاك : صراطا مستقيما دون تعريف. وقرأ جعفر الصادق : صراط مستقيم بالإضافة ، أي الدين المستقيم. فعلى قراءة الحسن والضحاك يكون صراط الذين بدل معرفة من نكرة ، كقوله تعالى : (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ، صِراطِ اللهِ) ، وعلى قراءة الصادق وقراءات الجمهور تكون بدل معرفة من معرفة صراط الذين بدل شيء من شيء ، وهما بعين واحدة ، وجيء بها للبيان لأنه لما ذكر قبل (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) كان فيه بعض إبهام ، فعينه بقوله : (صِراطَ الَّذِينَ) ليكون المسئول الهداية إليه ، قد جرى ذكره مرتين ، وصار بذلك البدل فيه حوالة على طريق من أنعم الله عليهم ، فيكون ذلك أثبت وأوكد ، وهذه هي فائدة نحو هذا البدل ، ولأنه على تكرار العامل ، فيصير في التقدير جملتين ، ولا يخفى ما في الجملتين من التأكيد ، فكأنهم كرروا طلب الهداية.
ومن غريب القول أن الصراط الثاني ليس الأول ، بل هو غيره ، وكأنه قرىء فيه حرف العطف ، وفي تعيين ذلك اختلاف. قيل هو العلم بالله والفهم عنه ، قاله جعفر بن محمد ، وقيل التزام الفرائض واتباع السنن ، وقيل هو موافقة الباطن للظاهر في إسباغ النعمة. قال