مبتدأ محذوف ، أي هو كفرهم. فتلخص في قول النصب في الجملة بعد ما أقوال ثلاثة : أن يكون صفة لما هذه التي هي تمييز فموضعها نصب ، أو صلة لما المحذوفة الموصولة فلا موضع لها ، أو صفة لشيء المحذوف المخصوص بالذم فموضعها رفع ، وذهب سيبويه إلى أن موضعها رفع على أنها فاعل بئس ، فقال سيبويه : هي معرفة تامة ، التقدير : بئس الشيء ، والمخصوص بالذم على هذا محذوف ، أي شيء اشتروا به أنفسهم. وعزى هذا القول ، أعني أن ما معرفة تامة لا موصولة ، إلى الكسائي. وقال الفراء والكسائي ، فيما نقل عنهما : إن ما موصولة بمعنى الذي ، واشتروا : صلة ، وبذلك قال الفارسي ، في أحد قوليه ، وعزى ابن عطية هذا القول إلى سيبويه قال : فالتقدير على هذا القول : بئس الذي اشتروا به أنفسهم أن يكفروا ، كقولك : بئس الرجل زيد ، وما في هذا القول موصولة. انتهى كلامه ، وهو وهم على سيبويه. وذهب الكسائي فيما نقل عنه المهدوي وابن عطية إلى أن ما وبعدها في موضع رفع ، على أن تكون مصدرية ، التقدير : بئس اشتراؤهم. قال ابن عطية : وهذا معترض ، لأن بئس لا تدخل على اسم معين يتعرف بالإضافة إلى الضمير. انتهى كلامه. وما قاله لا يلزم إلا إذا نص على أمر مرفوع ببئس ، أما إذا جعله المخصوص بالذم ، وجعل فاعل بئس مضمرا والتمييز محذوفا ، لفهم المعنى. التقدير : بئس اشتراء اشتراؤهم ، فلا يلزم الاعتراض ، لكن يبطل هذا القول الثاني عود الضمير في به على ما ، وما المصدرية لا يعود عليها ضمير ، لأنها حرف على مذهب الجمهور ، إذ الأخفش يزعم أنها اسم. والكلام على هذه المذاهب تصحيحا وإبطالا يذكر في علم النحو.
اشتروا هنا : بمعنى باعوا ، وتقدم أنه قال : شرى واشترى : بمعنى باع ، هذا قول الأكثرين. وفي المنتخب إن الاشتراء هنا على بابه ، لأن المكلف ، إذا خاف على نفسه من العقاب ، أتى بأعمال يظن أنها تخلصه ، وكأنه قد اشترى نفسه بها. فهؤلاء اليهود لما اعتقدوا فيما أتوا به أنه يخلصهم ، ظنوا أنهم اشتروا أنفسهم ، فذمهم الله عليه. قال : وهذا الوجه أقرب إلى المعنى واللفظ من الأول ، يعني بالأول أن يكون بمعنى باع ، وهذا الذي اختاره صاحب المنتخب ، يرد عليه قوله تعالى : (بَغْياً أَنْ يُنَزِّلَ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ) ، فدل على أن المراد ليس اشتراؤهم أنفسهم بالكفر ، ظنا منهم أنهم يخلصون من العقاب ، بل ذلك كان على سبيل البغي والحسد ، لكونه تعالى جعل ذلك في محمد صلىاللهعليهوسلم ، فاتضح أن قول الجمهور أولى.
(أَنْ يَكْفُرُوا) : تقدم أن موضعه رفع ، إما ، على أن يكون مخصوصا بالذم عند من