كفروا ، أو على يعلمان المنفية لكونها موجبة في المعنى. فتلك أقوال ستة ، أقربها إلى اللفظ هذا القول الأخير.
(مِنْهُما) : الضمير في الظاهر عائد على الملكين ، أي فيتعلمون من الملكين ، سواء قرىء بفتح اللام ، أو كسرها. وقيل : يعود على السحر ، وعلى الذي أنزل على الملكين ، سواء قرىء بفتح اللام ، أو كسرها. وقيل : يعود على السحر ، وعلى الذي أنزل على الملكين. وقيل : عائد على الفتنة والكفر ، الذي هو مصدر مفهوم من قوله : (فَلا تَكْفُرْ) ، وهذا قول أبي مسلم ، والتقدير عنده : فيتعلمون من الفتنة والكفر مقدار ما يفرقون به بين المرء وزوجه. (ما يُفَرِّقُونَ بِهِ) : ما موصولة ، وجوّز أن تكون نكرة موصوفة ، ولا يجوز أن تكون مصدرية ، لأجل عود الضمير عليها. والمصدرية لا يعود عليها ضمير ، لأنها حرف في قول الجمهور ، والذي يفرق به هو السحر. وعني بالتفريق : تفريق الألفة والمحبة ، بحيث تقع الشحناء والبغضاء فيفترقان ، أو تفريق الدين ، بحيث إذا تعلم فقد كفر وصار مرتدا ، فيكون ذلك مفرقا بينهما.
(بَيْنَ الْمَرْءِ) : قراءة الجمهور بفتح الميم وسكون الراء والهمز. وقرأ الحسن والزهري وقتادة : المر بغير همز مخففا. وقرأ ابن أبي إسحاق : المرء بضم الميم والهمزة. وقرأ الأشهب العقيلي : المرء بكسر الميم والهمز ، ورويت عن الحسن. وقرأ الزهري أيضا : المر بفتح الميم وإسقاط الهمز وتشديد الراء. فأمّا فتح الميم وكسرها وضمها فلغات ، وأما المر بكسر الراء فوجهه أنه نقل حركة الهمزة إلى الراء ، وحذف الهمزة ، وأما تشديدها بعد الحذف ، فوجهه أنه نوى الوقف فشدد ، كما روي عن عاصم : مستطرّ بتشديد الراء في الوقف ، ثم أجرى الوصل مجرى الوقف ، فأقرها على تشديدها فيه. (وَزَوْجِهِ) : ظاهره أنه يريد به امرأة الرجل. وقيل الزوج هنا : الأقارب والإخوان ، وهم الصنف الملائم للإنسان ، ومنه (مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ) (١) ، (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ) (٢).
(وَما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ) : الضمير الذي هو : هم عائد على السحرة الذين عاد عليهم ضمير فيتعلمون. وقيل : على اليهود الذين عاد عليهم ضمير واتبعوا. وقيل : على الشياطين. وبضارين : في موضع نصب على أن ما حجازية ، أو في موضع رفع على أن ما تميمية. والضمير في به عائد على ما في قوله : (ما يُفَرِّقُونَ). وقرأ الجمهور : بإثبات النون
__________________
(١) سورة الحج : ٢٢ / ٥.
(٢) سورة الصافات : ٣٧ / ٢٢.