النوع الأول : حسن الافتتاح وبراعة المطلع ، فإن كان أولها بسم الله الرحمن الرحيم ، على قول من عدها منها ، فناهيك بذلك حسنا إذ كان مطلعها ، مفتتحا باسم الله ، وإن كان أولها الحمد لله ، فحمد الله والثناء عليه بما هو أهله ، ووصفه بماله من الصفات العلية أحسن ما افتتح به الكلام ، وقدم بين يدي النثر والنظام ، وقد تكرر الافتتاح بالحمد في كثير من السور ، والمطالع تنقسم إلى حسن وقبيح ، والحسن إلى ظاهر وخفي على ما قسم في علم البديع. النوع الثاني : المبالغة في الثناء ، وذلك لعموم أل في الحمد على التفسير الذي مر. النوع الثالث : تلوين الخطاب على قول بعضهم ، فإنه ذكر أن الحمد لله صيغته صيغة الخبر ، ومعناه الأمر ، كقوله : (لا رَيْبَ فِيهِ) (١) ومعناه النهي. النوع الرابع : الاختصاص باللام التي في لله ، إذ دلت على أن جميع المحامد مختصة به ، إذ هو مستحق لها وبالإضافة في ملك يوم الدين لزوال الأملاك والممالك عن سواه في ذلك اليوم ، وتفرده فيه بالملك والملك ، قال تعالى : (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ) (٢) ، ولأنه لا مجازى في ذلك اليوم على الأعمال سواه. النوع الخامس : الحذف ، وهو على قراءة من نصب الحمد ظاهر ، وتقدم ، هل يقدر من لفظ الحمد أو من غير لفظه؟ قال بعضهم؟ ومنه حذف العامل الذي هو في الحقيقة خبر عن الحمد ، وهو الذي يقدر بكائن أو مستقر ، قال : ومنه حذف صراط من قوله غير المغضوب ، التقدير غير صراط المغضوب عليهم ، وغير صراط الضالين ، وحذف سورة إن قدرنا العامل في الحمد إذا نصبناه ، اذكروا أو اقرأوا ، فتقديره اقرأوا سورة الحمد ، وأما من قيد الرحمن ، والرحيم ، ونعبد ، ونستعين ، وأنعمت ، والمغضوب عليهم ، والضالين ، فيكون عنده في سورة محذوفات كثيرة. النوع السادس : التقديم والتأخير ، وهو في قوله نعبد ، ونستعين ، والمغضوب عليهم ، والضالين ، وتقدم الكلام على ذلك. النوع السابع : التفسير ، ويسمى التصريح بعد الإبهام ، وذلك في بدل صراط الذين من الصراط المستقيم. النوع الثامن : الالتفات ، وهو في إياك نعبد وإياك نستعين ، اهدنا. النوع التاسع : طلب الشيء ، وليس المراد حصوله بل دوامه ، وذلك في اهدنا. النوع العاشر : سرد الصفات لبيان خصوصية في الموصوف أو مدح أو ذم. النوع الحادي عشر : التسجيع ، وفي هذه السورة من التسجيع المتوازي ، وهو اتفاق الكلمتين الأخيرتين في الوزن والروي ، قوله تعالى : (الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ... اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) ، وقوله تعالى : (نَسْتَعِينُ وَلَا الضَّالِّينَ) ، انقضى كلامنا على تفسير الفاتحة.
__________________
(١) سورة البقرة : ٢ / ٢.
(٢) سورة غافر : ٤٠ / ١٦.