وقيل : هي حروف تدل على مدة الملة ، وهي حساب أبي جاد ، كما ورد في حديث حيي بن أخطب. وروي هذا عن أبي العالية وغيره. وقيل : مدة الأمم السالفة وقيل : مدة الدنيا. وقال أبو العالية أيضا : ليس منها حرف إلا وهو في مدة قوم وآجال آخرين ، وقيل : هي إشارة إلى حروف المعجم كأنه قال للعرب : إنما تحديتكم بنظم من هذه الحروف التي عرفتم. وقال قطرب وغيره وغيره : هي إشارة إلى حروف المعجم كأنه يقول للعرب : إنما تحديتكم بنظم من هذه الحروف التي عرفتم فقوله : (الم) بمنزلة : أب ت ث ، ليدل بها على التسعة وعشرين حرفا. وقال قوم : هي تنبيه كما في النداء. وقال قوم : إن المشركين لما أعرضوا عن سماع القرآن بمكة نزلت ليستغربوها فيفتحون لها أسماعهم فيستمعون القرآن بعدها فتجب عليهم الحجة. وقيل : هي أمارة لأهل الكتاب أنه سينزل على محمد صلىاللهعليهوسلم كتاب في أول سور منه حروف مقطعة ، وقيل : حروف تدل على ثناء أثنى الله به على نفسه. وقال ابن عباس : (الم) أنا الله أعلم ، والمراد أنا الله أرى. و (المص) أنا الله أفصل. وروي عن سعيد بن جبير مثل ذلك. وروي عن ابن عباس الألف : من الله ، واللام : من جبريل ، والميم : من محمد صلىاللهعليهوسلم. وقال الأخفش : هي مبادئ كتب الله المنزلة بالألسن المختلفة ومبان من أسماء الله الحسنى وصفاته العلى وأصول كلام الأمم. وقال الربيع بن أنس : ما منها حرف إلا يتضمن أمورا كثيرة ذارت فيها الألسن ، وليس فيها حرف إلا وهو مفتاح اسم من أسمائه ، وليس منها حرف إلا وهو في الأبد وللأبد ، وليس منها حرف إلا في مدة قوم وآجالهم. وقال قوم : معانيها معلومة عند المتكلم بها لا يعلمها إلا هو ، ولهذا قال الصديق رضياللهعنه : في كتاب الله سر ، وسر الله في القرآن في الحروف التي في أوائل السور. وبه قال الشعب. وقال سلمة بن القاسم : ما قام الوجود كله إلا بأسماء الله الباطنة والظاهرة ، وأسماء الله المعجمة الباطنة أصل لكل شيء من أمور الدنيا والآخرة ، وهي خزانة سرّه ومكنون علمه ، ومنها تتفرع أسماء الله كلها ، وهي التي قضى بها الأمور وأودعها أم الكتاب ، وعلى هذا حوّم جماعة من القائلين بعلوم الحروف ، وممن تكلم في ذلك : أبو الحكم بن برجان ، وله تفسير للقرآن ، والبوني ، وفسر القرآن والطائي بن العربي ، والجلالي ، وابن حمويه ، وغيرهم ، وبينهم اختلاف في ذلك. وسئل محمد بن الحنفية عن (كهيعص) فقال للسائل : لو أخبرت بتفسيرها لمشيت على الماء لا يوارى قدميك. وقال قوم : معانيها معلومة ويأتي بيان كل حرف في موضعه. وقال قوم : اختص الله بعلمها نبيه صلىاللهعليهوسلم. وقد أنكر جماعة من المتكلمين أن يكون في القرآن ما لا يفهم معناه ، فانظر إلى هذا الاختلاف المنتشر الذي لا يكاد ينضبط في تفسير هذه الحروف والكلام