هل تحصل الإمامة لبعض ذريته أم لا تحصل؟ فأجابه الله : إلى أن من كان ظالما لا يناله عهده. وأما قوله : إن ظاهر اللفظ أن أولادك ظالمون ، فليس كذلك ، بل ظاهره أنه لا يناله من ظلم من أولاده وغير أولاده ، ودل بمفهوم الصفة على أن غير الظالم ينالها. ولو كان على ما قاله ابن أبي الفضل ، لكان اللفظ لا ينالها ذريتك لظلمهم ، مع أنه يحتمل أن الظالمين تكون الألف واللام فيه معاقبة للضمير ، أي : ظالموهم ، أو الضمير محذوف ، أي منهم. ومن أغرب الانتزاعات في قوله : (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) ما ذكر لي بعض الإمامية أنهم انتزعوا من هذا ، كون أبي بكر لا يكون إماما قالوا : لأن إطلاق اسم الظلم يقع عليه ، لأنه سجد للأصنام ، فقد ظلم. وقد قال تعالى : (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) ، وذلك بخلاف عليّ ، فإنه لم يسجد لصنم قط. قلت له : فيلزم أن يسمي كل من أسلم من الصحابة ظالما ، كسلمان ، وأبي ذر ، وابن مسعود ، وحذيفة ، وعمار. وهذا ما لا يذهب إليه أحد ، فلم يحر جوابا.
وقال الزمخشري : وقالوا في هذا دليل على أن الفاسق لا يصلح للإمامة ، وكيف يصلح لها من لا يجوز حكمه ولا شهادته ، ولا تجب طاعته ، ولا يقبل خبره ، ولا يقدم للصلاة؟ وكان أبو حنيفة رضياللهعنه يفتي سرا بوجوب نصرة زيد بن عليّ ، وحمل المال إليه ، والخروج معه على اللص المتغلب المتسمي بالإمام والخليفة ، كالدوانيقي وأشباهه. وقالت له امرأة : أشرت على ابني بالخروج مع إبراهيم ومحمد ، ابني عبد الله بن الحسين ، حتى قتل فقال : ليتني مكان ابنك. وكان يقول في المنصور وأشياعه : لو أرادوا بناء مسجد ، وأرادوني على عد آجره لما فعلت. وعن ابن عيينة : لا يكون الظالم إماما قط. وكيف يجوز نصب الظالم للإمامة ، والإمام إنما هو لكف المظلمة؟ فإذا نصب من كان ظالما في نفسه ، فقد جاء المثل السائر : من استرعى الذئب فقد ظلم. انتهى كلامه. وزيد بن عليّ الذي ذكره ، هو زيد بن عليّ زين العابدين بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب ، كرم الله وجهه ، وهو أخو محمد الباقر بن عليّ ، وإليه تنتسب الزيدية اليوم. وكان من أهل العلم والفقه والفهم في القرآن والشجاعة ، وإنما ذكره الزمخشري ، لأنه كان بمكة مجاورا للزيدية ومصاحبا لهم ، وصنف كتابه الكشاف لأجلهم. واللص المتغلب المتسمى بالإمام والخليفة ، الذي ذكره الزمخشري ، هو هشام بن عبد الملك ، خرج عليه زيد بن عليّ ، وكان قد قال لأخيه الباقر : ما لك لا تقوم وتدعو الناس إلى القيام معك؟ فأعرض عنه وقال له : لهذا وقت لا يتعداه. فدعا إلى نفسه وقال : إنما الإمام منا من أظهر سيفه وقام بطلب