أن المنزل إلينا هو المنزل إلى ابراهيم ، قالوا : ولم ينزل إلى إسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط ، وعطفوا على إبراهيم ، لأنهم كلفوا العمل به والدعاء إليه ، فأضيف الإنزال إليهم ، كما أضيف في قوله : (وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا). والأسباط هم أولاد يعقوب ، وهم اثنا عشر سبطا. قال الشريف أبو البركات الجوّاني النسابة : وولد يعقوب النبي صلىاللهعليهوسلم : يوسف النبي صلىاللهعليهوسلم ، صاحب مصر وعزيزها ، وهو السبط الأول من أسباط يعقوب عليهالسلام الاثني عشر ، والأسباط سوى يوسف : كاذ ، وبنيامين ، ويهوذا ، ويفتالي ، وزبولون ، وشمعون ، وروبين ، ويساخا ، ولاوي ، وذان ، وياشيرخا من يهوذا بن يعقوب ، وسليمان النبي صلىاللهعليهوسلم. وجاء من سليمان عليهالسلام النبي : مريم ابنة عمران ، أمّ المسيح عليهماالسلام. وجاء من لاوي بن يعقوب : موسى كليم الله وهارون أخوه عليهماالسلام. انتهى كلامه. وقال ابن عطية : والأسباط هم ولد يعقوب. وهم : روبيل ، وشمعون ، ولاوي ، ويهوذا ، ورفالون ، وبشجر ، وذينة بنته ، وأمّهم لياثم. خلف على أختها راحيل ، فولدت له : يوسف ، وبنيامين. وولد له من سريتين : داني ، ونفتالي ، وجاد ، وآشر. انتهى كلامه ، وهو مخالف لكلام الجواني في بعض الأسماء. وقيل : روبيل أكبر ولده. وقال الحسين بن أحمد بن عبد الرحيم البيساني : روبيل أصح وأثبت ، يعني باللام ، قال : وقبره في قرافة مصر ، في لحف الجبل ، في تربة أليسع عليهماالسلام.
(وَما أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى) : أي : وآمنا بالذي أوتي موسى من التوراة والآيات ، وعيسى من الإنجيل والآيات. وموسى هنا : هو موسى بن عمران ، كليم الله. وقال الحسين بن أحمد البيساني : وفي ولد ميشا بن يوسف ، يعني الصديق : موسى بن ميشا بن يوسف. وزعم أهل التوراة أن الله نبأه ، وأنه صاحب الخضر. وذكر المؤرّخون أنه لما مات يعقوب ، فشا في الأسباط الكهانة ، فبعث الله موسى بن ميشا يدعوهم إلى عبادة الله ، وهو قبل موسى بن عمران بمائة سنة ، والله أعلم بصحة ذلك. انتهى كلامه ، ونص على موسى وعيسى ، لأنهما متبوعا اليهود والنصارى بزعمهم ، والكلام معهم ، ولم يكرر الموصول في عيسى ، لأن عيسى إنما جاء مصدقا لما في التوراة ، لم ينسخ منها إلا نزرا يسيرا. فالذي أوتيه عيسى هو ما أوتيه موسى ، وإن كان قد خالف في نزر يسير. وجاء : (وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا) ، وجاء : (وَما أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى) ، تنويعا في الكلام وتصرفا في ألفاظه ، وإن كان المعنى واحدا ، إذ لو كان كله بلفظ الإيتاء ، أو بلفظ الإنزال ، لما كان فيه حلاوة التنوع في الألفاظ. ألا تراهم لم يستحسنوا قول أبي الطيب :