الشركة فيه. وأما الإضحاك والإبكاء والإماتة والإحياء والإغناء والإقناء فقد يدعى ذلك ، أو الشركة فيه متواقح كذاب كنمروذ. وأما قوله تعالى : (وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرى) (١) ، فدخول هو للإعلام بأن الله هو رب هذا النجم ، وإن كان رب كل شيء ، لأن هذا النجم عبد من دون الله واتّخذ إلها ، فأتى به لينبه بأن الله مستبد بكونه ربا لهذا المعبود ، ومن دونه لا يشاركه في ذلك أحد. والألف واللام في المفلحون لتعريف العهد في الخارج أو في الذهن ، وذلك أنك إذا قلت : زيد المنطلق ، فالمخاطب يعرف وجود ذات صدر منها انطلاق ، ويعرف زيدا ويجهل نسبة الانطلاق إليه ، وأنت تعرف كل ذلك فتقول له : زيد المنطلق ، فتفيده معرفة النسبة التي كان يجهلها ، ودخلت هو فيه إذا قلت : زيد هو المنطلق ، لتأكيد النسبة ، وإنما تؤكد النسبة عند توهم أن المخاطب يشك فيها أو ينازع أو يتوهم الشركة.
وذكر المفسرون في سبب نزول هذه الآيات من قوله تعالى : (الم) إلى قوله : (الْمُفْلِحُونَ) أقوالا : أحدها : أنها نزلت في مؤمني أهل الكتاب دون غيرهم ، وهو قول ابن عباس وجماعة. الثاني : نزلت في جميع المؤمنين ، قاله مجاهد.
وذكروا في هذه الآية من ضروب الفصاحة أنواعا : الأول : حسن الافتتاح ، وأنه تعالى افتتح بما فيه غموض ودقة لتنبيه السامع على النظر والفكر والاستنباط. الثاني : الإشارة في قوله ذلك أدخل اللام إشارة إلى بعد المنازل. الثالث : معدول الخطاب في قوله تعالى : (لا رَيْبَ فِيهِ) صيغته خبر ومعناه أمر ، وقد مضى الكلام فيه. الرابع : الاختصاص هو في قوله (هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) الخامس : التكرار في قوله تعالى : (يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) ، (يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ) ، وفي قوله : (الَّذِينَ) ، و (الَّذِينَ) إن كان الموصوف واحدا فهو تكرار اللفظ والمعنى ، وإن كان مختلفا كان من تكرار اللفظ دون المعنى ، ومن التكرار (أُولئِكَ) ، و (أُولئِكَ). السادس : تأكيد المظهر بالمضمر في قوله : (وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) ، وفي قوله : (هُمْ يُوقِنُونَ). السابع : الحذف ، وهو في مواضع أحدها هذه ألم عند من يقدر ذلك ، وهو هدى ، وينفقون في الطاعة ، و (بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ) من القرآن ، و (مِنْ قَبْلِكَ) ، أي قبل إرسالك ، أو قبل الإنزال ، (وَبِالْآخِرَةِ) ، أي بجزاء الآخرة ، و (يُوقِنُونَ) بالمصير إليها ، و (عَلى هُدىً) ، أي أسباب هدى ، أو على نور هدى ، و (الْمُفْلِحُونَ) ، أي الباقون في نعيم الآخرة.
__________________
(١) سورة النجم : ٥٣ / ٤٩.