فائدة تكرارها على تقدير : أن شهر رمضان هو قوله : (أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ) ، فأغنى ذلك عن إعادته هنا.
(يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) تقدّم الكلام في الإرادة في قول (ما ذا أَرادَ اللهُ بِهذا مَثَلاً) (١) والإرادة هنا إما أن تبقى على بابها ، فتحتاج إلى حذف ، ولذلك قدره صاحب (المنتخب) : يريد الله أن يأمركم بما فيه يسر ، وإما أن يتجوز بها عن الطلب ، أي : يطلب الله منكم اليسر ، والطلب عندنا غير الإرادة ، وإنما احتيج إلى هذين التأوّيلين لأن ما أراده الله كائن لا محالة ، على مذهب أهل السنة ، وعلى ظاهر الكلام لم يكن ليقع عسر وهو واقع ، وأما على مذهب المعتزلة فتكون الآية على ظاهرها ، وأراد : يتعدّى إلى الإجرام بالباء ، وإلى المصادر بنفسه ، كالآية. ويأتي أيضا متعدّيا إلى الإجرام بنفسه وإلى المصادر بالباء. قال :
أرادت عرار بالهوان ومن يرد |
|
عرارا ، لعمري بالهوان فقد ظلم |
قالوا : يريد هنا بمعنى أراد ، فهو مضارع أريد به الماضي ، والأولى أن يراد به الحالة الدائمة هنا ، لأن المضارع هو الموضوع لما هو كائن لم ينقطع ، والإرادة صفة ذات لا صفة فعل ، فهي ثابتة له تعالى دائما ، وظاهر اليسر والعسر العموم في جميع الأحوال الدنيوية والأخروية.
وفي الحديث. «دين الله يسر يسّر ولا تعسر». وما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ، وفي القرآن : (ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) (٢) (وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ) (٣) فيندرج في العموم في اليسر فطر المريض والمسافر اللذين ذكر حكمهما قبل هذه الآية ، ويندرج في العموم في العسر صومهما لما في حالتي المرض والسفر من المشقة والتعسير.
وروي عن علي ، وابن عباس ، ومجاهد ، والضحاك : أن اليسر الفطر في السفر ، والعسر الصوم فيه ، ويحمل تفسيرهم على التمثيل بفرد من أفراد العموم ، وناسب أن مثلوا
__________________
(١) سورة البقرة : ٢ / ٢٦.
(٢) سورة الحج : ٢٢ / ٧٨.
(٣) سورة الأعراف : ٧ / ١٥٧.