أريد لانسى ذكرها ...
ليس كما ذكر ، بل ذلك مذهب الكسائي والفراء ، زعما أن العرب تجعل لام كي في موضع أن في أردت وأمرت. قال تعالى : (يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ) (١) (يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا) (٢) و (أَنْ يُطْفِؤُا) (٣) (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ) (٤). وقال الشاعر :
أريد لأنسى ذكرها ...
وقال تعالى : (وَأُمِرْنا لِنُسْلِمَ) (٥) و (أَنْ أُسْلِمَ) (٦) وذهب سيبويه وأصحابه إلى أن اللام هنا باقية على حالها وأن مضمرة بعدها ، لكن الفعل قبلها يقدره بمصدر ، كأنه قال : الإرادة للتبيين ، وإرادتي لهذا ، وذهب بعض الناس إلى زيادة اللام ، وقد أمعنا الكلام على هذه المسألة في كتاب (التكميل في شرح التسهيل) فتطالع هناك.
وتلخص مما ذكرناه أن ما قال : من أنه قول البصريين ليس كما قال : إنما يتمشى قوله : وهي ، مع الفعل مقدرة بأن على قول الكسائي والفراء ، لا على قول البصريين. وتناقض قول ابن عطية أيضا لأنه قال : هي اللام الداخلة على المفعول كالتي في قولك : ضربت لزيد ، المعنى ، ويريد إكمال العدة. ثم قال : وهي مع الفعل مقدرة بأن ، فمن حيث جعلها الداخلة على المفعول لا يكون جزءا من المفعول ، ومن حيث قدرها بأن كانت جزءا من المفعول ، لأن المفعول إنما ينسبك منها مع الفعل ، فهي جزء له ، والشيء الواحد لا يكون جزءا لشيء غير جزء له ، فتناقض.
وأما تجويز الزمخشري أن يكون معطوفا على : اليسر ، فلا يمكن إلّا بزيادة اللام وإضمار : أن ، بعدها ، أو يجعل اللام لمعنى : أن ، فلا تكون أن مضمرة بعدها ، وكلاهما ضعيف.
القول الثاني : أن تكون اللام في (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ) لام الأمر قال ابن عطية ، ويحتمل أن تكون هذه اللام لام الأمر والواو عاطفة جملة كلام على جملة كلام. انتهى كلامه. ولم يذكر هذا الوجه فيما وقفنا عليه غير ابن عطية ، ويضعف هذا القول أن النحويين قالوا : أمر الفاعل المخاطب فيه التفات ، قالوا : أحدهما لغة رديئة قليلة ، وهو إقرار تاء الخطاب ولام
__________________
(١) سورة النساء : ٤ / ٢٦.
(٢) سورة الصف : ٦١ / ٨.
(٣) سورة التوبة : ٩ / ٣٢.
(٤) سورة الأحزاب : ٣٣ / ٣٣.
(٥) سورة الأنعام : ٦ / ٧١.
(٦) سورة غافر : ٤٠ / ٦٦.