يتصرف فيها ، بل التزم نصبها على الحال ، لكن مرادفها يصح فيه ذلك ، وقوله : والمراد بالكافة الجماعة التي يكف مخالفها ، يعني : أن هذا في أصل الوضع ، ثم صار الاستعمال لها لمعنى : جميعا ، كما قال هو وغيره ، وكافة : معناه جميعا.
(وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) قد تقدم تفصيل هاتين الجملتين بعد قوله : (يا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً) (١) فأغنى ذلك عن إعادته ، وقال صاحب (الكتاب الموضح) أبو عبد الله نصر بن علي بن محمد : عرف بابن مريم ، ان ضم عين الكلمة في مثل هذا ، نحو : عرفة وعرفات ، هو مذهب أهل الحجاز ، وقال فيمن سكن الطاء : إنهم لما جمعوا نووا الضمة في الطاء ، ثم أسكنوها استخفافا ، وهو في تقدير الثبات يدل على أن الضمة في حكم الثابت ، أن هذه حركة يفصل بها بين الاسم والصفة ، كما هي في جمع : فعلة ، المفتوحة الفاء ، فلا تحذف عين الاسم حذفا ، إذ هي فارقة بينه وبين الصفة ، فهي منوية لا محالة. انتهى كلامه.
واتضح من هذا أنه في الصفة لا ينقل ، فإذا جمعنا : حلوة وضحكة ، المراد به صفة المؤنث ، فلا تقول : حلوات ، ولا ضحكات ، بضم عين الكلمة ، وعلى هذا قياس : فعلة ، الصفة نحو : جلفة ، لا يقال فيه جلفات.
(فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْكُمُ الْبَيِّناتُ) أي : عصيتم أو كفرتم ، أو أخطأتم ، أو ضللتم ، أقوال ثانيها عن ابن عباس وهو الظاهر لقوله : ادخلوا في السلم ، أي الإسلام ، فإن زللتم عن الدخول فيه ، وأصل الزلل للقدم ، يقال : زلت قدمه ، كما قال.
ولا شامت إن نعل عزة زلت
ثم يستعمل في الرأي والاعتقاد ، وهو الزلق ، وقد تقدم شيء من تفسيره في قوله : (فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها) (٢).
وقرأ أبو السماك : فإن زللتم ، بكسر اللام ، وهما لغتان : كضللت وضللت.
والبينات : حجج الله ودلائله ، أو محمد صلىاللهعليهوسلم ، كما قال : (حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ رَسُولٌ مِنَ اللهِ) (٣) وجمع تعظيما له ، لأنه وإن كان واحدا بالشخص ، فهو كثير بالمعنى : أو القرآن
__________________
(١) سورة البقرة : ٢ / ١٦٨.
(٢) سورة البقرة : ٢ / ٣٦.
(٣) سورة البينة : ٩٨ / ١.