خبيرون في طعن الأباهر والكلى
أي : بطعن ، لأن خبيرا لا يتعدى إلّا بالباء ، كما قال.
خبير بأدواء النساء طبيب
قال الزجاج وغيره.
والأولى أن يكون المعنى : أمر الله ، إذ قد صرح به في قوله : (أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ) (١) وتكون عبارة عن بأسه وعذابه ، لأن هذه الآية إنما جاءت مجيء التهديد والوعيد ، وقيل : المحذوف : آيات الله ، فجعل مجيء آياته مجيئا له على التفخيم لشأنها ، قاله في (المنتخب). ونقل عن ابن جرير أنه قال : يأتيهم بمحاسبتهم على الغمام على عرشه تحمله ثمانية من الملائكة ، وقيل : الخطاب مع اليهود ، وهم مشبهة ، ويدل على أنه مع اليهود قول بعد : (سَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ) ، وإذا كان كذلك فالمعنى : أنهم لا يقبلون ذلك إلّا أن يأتيهم الله ، فالآية على ظاهرها ، إذ المعنى : أن قوما ينتظرون إتيان الله ، ولا يدل ذلك على أنهم محقون ولا مبطلون.
(فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ) تقدّم الكلام على ذلك في قوله : (وَظَلَّلْنا عَلَيْكُمُ الْغَمامَ) (٢) ويستحيل على الذات المقدّسة أن تحل في ظلة ، وقيل : المقصود تصوير عظمة يوم القيامة وحصولها وشدتها ، لأنه لا شيء أشد على المذنبين ، وأهول ، من وقت جمعهم وحضور أمهر الحكام وأكثرهم هيبة لفصل الخصومة ، فيكون هذا من باب التمثيل ، وإذا فسر بأن عذاب الله يأتيهم في ظلل من الغمام ، فكان ذلك ، لأنه أعظم ، أو يأتيهم الشر من جهة الخير ، لقوله : (هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ) (٣) ولأنه إذا كان ذلك يوم القيامة فهو علامة لأشد الأهوال في ذلك اليوم ، قال الله تعالى : (وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ) (٤) ولأن الغمام ينزل قطرات غير محدودة ، فكذلك العذاب غير محصور ، وقيل : إن العذاب لا يأتي في الظلل ، بل المعنى تشبيه الأهوال بالظلل من الغمام ، كما قال : (وَإِذا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ) (٥) فالمعنى أن عذاب الله يأتيهم في أهوال عظيمة ، كظلل الغمام.
__________________
(١) سورة النحل : ١٦ / ٣٣.
(٢) سورة البقرة : ٢ / ٥٧.
(٣) سورة الأحقاف : ٤٦ / ٢٤.
(٤) سورة الفرقان : ٢٥ / ٢٥.
(٥) سورة لقمان : ٣١ / ٣٢.