وجد الزوج وإقتاره ، ولم يعين المقدار ، بل قال : إن ذلك بالمعروف ، وهو الذي ألف عادة وشرعا ، وأن ذلك حق على من كان محسنا. ثم ذكر أنه إذا طلق قبل المسيس وبعد الفرض فإنه ينتظر المسمى ، فيجب لها نفس الصداق إلّا إن عفت المرأة فلم تأخذ منه شيئا ، أو عفا الزوج فأدى إليها الصداق كاملا إذا كان الطلاق إنما كان من جهته ، ثم ذكر أن العفو من أي جهة كان منهما أقرب لتحصيل التقوى للعافي ، إذ هو : إما بين تارك حقه ، أو باذل فوق الحق. ثم نهى عن نسيان الفضل ، ففي هذا النهي الأمر بالفضل.
ثم ختم ذلك بأنه بصير بجميع أعمالهم ، فيجازي المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته.
ولما ذكر تعالى أحكام النكاح ، وكادت تستغرق المكلف ، نبه تعالى على أشرف العبادات التي يتقرب بها إلى الله تعالى المكلف ، وأمر بالمحافظة عليها وهي : الصلوات ، وخص الوسطى منها بالذكر تنبيها على فضلها ، ومن تسميتها بالوسطى تبين تمييزها على غيرها ، وهي بلا شك صلاة العصر ، ثم أمر بالقيام لله متلبسين بطاعته ، ثم للمبالغة في توكيد إيجاب الصلوات لم يسامح بتركها حالة الخوف ، بل أمر أن تؤدّى في تلك الحال ، سواء كان الخائف ماشيا أو راكبا ، وإن كان في ذلك بعض اختلال لشروطها ؛ ثم أمر أن تؤدّى على حالها الأول من إتمام شروطها ، وهيآتها إذا أمن الخائف ، وأن يؤديها على الحالة التي علمه الله في أدائها قبل الخوف.
وذكر أن اللواتي يتوفى عنهنّ أزواجهنّ لهن وصية بتمتيع إلى انقضاء حول من وفاة الأزواج ، وأنهنّ لا يخرجن من بيوتهنّ في ذلك الحول ، فإن اخترن الخروج فخرجن ، فلا جناح على متولي أمرها فيما فعلت في نفسها ، ثم أعلم أنه عزيز لا يغلب ويقهر ، حكيم بوضع الأشياء مواضعها.
ثم ذكر تعالى أن للمطلقات متاعا مما عرف شرعا وعادة ، واقتضى ذلك عموم كل مطلقة ، وأن ذلك المتاع حق على من اتقى.
ولما كان تعالى قد بين عدة أحكام فيما تقدّم من الآيات ، أحال على ذلك التبيين ، وشبه التبيين الذي قد يأتي لسائر الآيات بالتبيين الذي سبق. وان التبيين هو لرجائكم أن تعقلوا عن الله أحكامه فتجتنبوا ما نهى تعالى عنه ، وتمتثلوا ما به أمر تعالى.