القول في موضع خفض بالظرف ، ولم يذكر النحويون في مثل هذا الباب : لو جاء قتلت زيدا ، ولا : متى جاء قتلت زيدا ، ولا : إذا جاء ضربت خالدا. ولذلك حكى النحويون أن العرب لا تقول : أكرمت أهنت زيدا.
وقد ناقض الزمخشري في قوله : فإنه قال : وفاعل تبين مضمر ، ثم قدره ، فلما تبين له أن الله على كل شيء قدير قال أعلم ... إلى آخره ، قال : فحذف الأول لدلالة الثاني عليه ، كما في قولهم : ضربني وضربت زيدا ، والحذف ينافي الإضمار للفاعل ، وهذا عند البصريين إضمار يفسره ما بعده ، ولا يجيز البصريون في مثل هذا الباب حذف الفاعل أصلا ، فإن كان أراد بالإضمار الحذف فقد خرج إلى قول الكسائي من أن الفاعل في هذا الباب لا يضمر ، لأنه يؤدي إلى الإضمار قبل الذكر ، بل يحذف عنده الفاعل ، والسماع يرد عليه. قال الشاعر :
هويتني وهويت الخرد العربا |
|
أزمان كنت منوطا بي هوى وصبا |
وأما على قراءة ابن عباس فالجار والمجرور هو المفعول الذي لم يسم فاعله ، وأما في قراءة ابن السميفع فهو مضمر : أي : بين له هو ، أي : كيفية الإحياء.
وقرأ الجمهور : قال ، مبنيا للفاعل ، على قراءة جمهور السبعة : أعلم ، مضارعا ضميره يعود على المارّ ، وقال ذلك على سبيل الاعتبار ، كما أن الإنسان إذا رأى شيئا غريبا قال : لا إله إلا الله.
وقال أبو علي : معناه أعلم هذا الضرب من العلم الذي لم أكن علمته ، يعني يعلم عيانا ما كان يعلمه غيبا. وأما على قراءة أبي رجاء ، وحمزة ، والكسائي اعلم ، فعل أمر من علم ، فالفاعل ضمير يعود على الله تعالى ، أو على الملك القائل له عن الله ، ويناسب هذا الوجه الأوامر السابقة من قوله : وانظر ، فقال له : اعلم ، ويؤيده قراءة عبد الله والأعمش : قيل ، اعلم ، فبنى : قيل ، لما لم يسم فاعله ، والمفعول الذي لم يسم فاعله ضمير القول لا الجملة ، وقد تقدّم الكلام على ذلك أول هذه السورة مشبعا فأغنى عن إعادته هنا.
وجوّزوا أن يكون الفاعل ضمير المار ، ويكون نزل نفسه منزلة المخاطب الأجنبي ، كأنه قال لنفسه : اعلم ، ومنه : ودّع هريرة ، وألم تغتمض عيناك ، وتطاول ليلك ، وإنما يخاطب نفسه ، نزلها منزلة الأجنبي.
وروى الجعبي عن أبي بكر قال : أعلم ، أمرا من أعلم ، فالفاعل بقال يظهر أنه ضمير