الصالح». وأنكر الإسكان أبو العباس ، وأبو إسحاق ، وأبو علي لأن فيه جمعا بين ساكنين على غير حدّه.
وقال أبو العباس لا يقدر أحد أن ينطق به ، وإنما يروم الجمع بين ساكنين ويحرك ولا يأتيه. وقال أبو إسحاق : لم تضبط الرواة اللفظ في الحديث ، وقال أبو علي : لعل أبا عمرو أخفى ، فظنه السامع إسكانا. وقد أتى عن أكثر القراء ما أنكر ، فمن ذلك الإسكان في هذا الموضع ، وفي بعض تاآت البزي ، وفي : اسطاعوا وفي : يخصمون. انتهى ما لخص من كلامهم.
وإنكار هؤلاء فيه نظر ، لأن أئمة القراءة لم يقرأوا إلّا بنقل عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ومتى تطرق إليهم الغلط فيما نقلوه من مثل هذا ، تطرق إليهم فيما سواه ، والذي نختاره ونقوله : إن نقل القراآت السبع متواتر لا يمكن وقوع الغلط فيه.
(وَإِنْ تُخْفُوها) الضمير المنصوب في : تخفوها ، عائد على الصدقات ، لفظا ومعنى ، بأي تفسير فسرت الصدقات ، وقيل : الصدقات المبداة هي الفريضة ، والمخفاة هي التطوّع ، فيكون الضمير قد عاد على الصدقات لفظا لا معنى ، فيصير نظير : عندي درهم ونصفه ، أي : نصف درهم آخر ، كذلك : وان تخفوها ، تقديره : وان تخفوا الصدقات غير الأولى ، وهي صدقة التطوّع ، وهذا خلاف الظاهر ، والأكثر في لسان العرب ، وإنما احتجنا في : عندي درهم ونصفه ، إلى أن نقول : إن الضمير عائد على الدرهم لفظا لا معنى لاضطرار المعنى إلى ذلك ، لأن قائل ذلك لا يريد أن عنده درهما ونصف هذا الدرهم الذي عنده. وكذلك قول الشاعر :
كأن ثياب راكبه بريح |
|
خريق وهي ساكنة الهبوب |
يريد : ريحا أخرى ساكنة الهبوب.
(وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ) فيه تنبيه على تطلب مصارفها وتحقق ذلك وهم الفقراء.
(فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) الفاء جواب الشرط ، وهو ضمير عائد على المصدر المفهوم من قوله : (وَإِنْ تُخْفُوها) التقدير : فالإخفاء خير لكم ، ويحتمل أن يكون : خير ، هنا أريد به خير من الخيور ، و : لكم ، في موضع الصفة ، فيتعلق بمحذوف.