بل كانت أكبر من ذلك أيضا ، إذ قد دلت الروايات على أن إسلام أسماء كان يوم إسلام أبيها ، بعد سبعة عشر إنسانا ، ثم أسلمت عائشة بعدها مباشرة ، لأن إسلامها كان بعد ثمانية عشر إنسانا ـ كما قلنا أيضا.
فإذا كانوا يدّعون أن أبا بكر كان أول من أسلم ، فتكون النتيجة هي أن عائشة قد أسلمت في أول أو ثاني يوم من البعثة.
ومعنى ذلك : أن ولادتها قد كانت قبل البعثة بسنوات كبرت فيها عائشة ، وأصبحت مميزة وعاقلة ، ويقبل منها الإسلام .. وتدخل في لائحة المسلمين الأوائل لتأخذ موقعها التاريخي الذي يريدونه لها.
ثانيا : وفي مقام رفع التنافي بين قوله «صلى الله عليه وآله» لفاطمة : إنها سيدة نساء العالمين ، وبين ما نسب إليه «صلى الله عليه وآله» من أنه لم يكمل من النساء إلا مريم ابنة عمران ، وآسية امرأة فرعون ، وأن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام (١).
يقول الطحاوي : «قد يحتمل أن يكون ما في هذا الحديث قبل بلوغ فاطمة ، واستحقاقها الرتبة التي ذكرها رسول الله «صلى الله عليه وآله» لها ، إلى أن قال :
وإن كل فضل ذكر لغير فاطمة ، مما قد يحتمل أن تكون فضلت به فاطمة ، محتملا لأن يكون وهي حينئذ صغيرة ، ثم بلغت بعد ذلك إلخ» (٢).
لقد قال الطحاوي هذا ، بعد أن جزم قبل ذلك بقليل ، بأن فاطمة
__________________
(١) راجع : السيرة النبوية لابن كثير ج ٢ ص ١٣٧.
(٢) مشكل الآثار ج ١ ص ٥٢.