به ، واهدموا داره ، فلم يكن البلاء أشد وأكثر منه بالعراق ، ولا سيما بالكوفة ، حتى إن الرجل من شيعة علي ليأتيه من يثق به فيدخل بيته ، فيلقي إليه سره ، ويخاف من خادمه ومملوكه ، ولا يحدثه حتى يأخذ عليه الأيمان الغليظة : ليكتمن عليه.
فظهر حديث كثير موضوع ، وبهتان منتشر ، ومضى على ذلك الفقهاء والقضاة ، والولاة ، وكان أعظم الناس في ذلك بلية القراء المراؤون ، والمستضعفون ، الذين يظهرون الخشوع والنسك ، فيفتعلون الأحاديث حتى يحظوا بذلك عند ولاتهم ، ويقربوا في مجالسهم ، ويكسبوا به الأموال والضياع ، والمنازل حتى انتقلت تلك الأخبار والأحاديث إلى أيدي الديانين الذين لا يستحلون الكذب والبهتان فقبلوها فرووها وهم يظنون أنها حق ولو علموا : أنها باطلة لما رووها ولا تدينوا بها ، فلم يزل الأمر كذلك حتى مات الحسن بن علي «عليه السلام» ، فازداد البلاء والفتنة الخ» .. (١).
ما أنت إلا إصبع دميت :
وفي رواية : إن أبا بكر صار يسد كل حجر وجده في الغار ، فأصاب يده ما أدماها ، فصار يمسح الدم عن إصبعه ويقول :
ما أنت إلا اصبع دميت |
|
وفي سبيل الله ما لقيت (٢) |
__________________
(١) النصائح الكافية ص ٧٢ و ٧٣ عن المدائني ، وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج ١١ ص ٤٤.
(٢) حلية الأولياء ج ١ ص ٢٢ ، والبداية والنهاية ج ٣ ص ١٨٠ ، والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٣٥ و ٣٦.