ولكن الله تعالى أبى أن يجري الأمور إلا بأسبابها وليكون هذا الرسول «صلى الله عليه وآله» هو الاسوة الحسنة ، والقدوة لكل أحد ، في مواجهة مشاكل الحياة ، وتحمل أعباء الدعوة إلى الله بكل ما فيها من متاعب ، ومصاعب وأزمات ، فإن للأزمات التي يمر بها الإنسان دورا رئيسا في صنع خصائصه ، وبلورتها ، وتعريفه بنقاط الضعف التي يعاني منها وهي تبعث فيه حيوية ونشاطا ، وتجعله جديا في مواقفه ، فإنه إذا كان هدف الله سبحانه هو إعمار هذا الكون بالإنسان ، فإن الإنسان الخامل الذي يعتمد على الخوارق والمعجزات لا يمكنه أن يقوم بمهمة الإعمار هذه.
والخلاصة :
إن ذلك لمما يساعد على تربية الإنسان وتكامله في عملية إعداده ليكون عنصرا فاعلا وبانيا ومؤثرا ، لا منفعلا ومتاثرا وحسب ، إلى غير ذلك مما يمكن استفادته من الأحداث الآنفة الذكر.
هجرة أمير المؤمنين عليه السّلام :
واستمر رسول الله «صلى الله عليه وآله» في هجرته المباركة حتى قرب من المدينة ، فنزل بادئ ذي بدء في قباء في بيت عمرو بن عوف ، فأراده أبو بكر على دخول المدينة ، وألاصه فأبى ، وقال : ما أنا بداخلها حتى يقدم ابن أمي وأخي ، وابنتي ، يعني عليا وفاطمة «عليهما السلام» (١).
__________________
(١) راجع : الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي ص ٣٥ من دون ذكر للاسم ، وأمالي الشيخ الطوسي ج ٢ ص ٨٣ ، وإعلام الورى ص ٦٦ ، والبحار ج ١٩ ص ٦٤ و ١٠٦ و ١١٥ و ١١٦ و ٧٥ و ٧٦ وج ٢٢ ص ٣٦٦ عن الخرائج والجرايح.