إياه : (قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ ..)(١).
وثالثة تقول : إنه كان يحزن لاتخاذهم آلهة من دون الله (فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ)(٢). وهكذا سائر الآيات ، كما لا يخفى على من لاحظها.
فالآيات على حد قوله تعالى : (فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ)(٣) فهو حزن حسن منه «صلى الله عليه وآله» ، وهو يدل على كمال صفاته ، وسجاحة (٤) أخلاقه ، صلوات الله عليه وآله الطاهرين.
أضف إلى كل ما تقدم : أننا لو لم نعرف واقع حزن أبي بكر ، فإننا لا يمكن أن نقيسه على حزن النبي المعصوم ، بل علينا أن نأخذ بظاهر النهي ، وهو التحريم ، ولا يعدل عن ظاهره إلا بدليل.
سؤال يحتاج إلى جواب :
وإذا كان أبو بكر يحزن مع ما يرى من الآيات والمعجزات ، ولا يصبر لينال أجر الصابرين الموقنين ، فكيف تكون حالته لو أراد أن ينام في مكان أمير المؤمنين علي «عليه السلام» في تلك الليلة المهولة؟! وهل من الممكن أن لا يضعف وينهار أمام كيد قريش ، ويستسلم لجبروتها في اللحظات العسيرة ، ولتنقلب من ثم مجريات الأمور رأسا على عقب؟.
__________________
(١) الآية ٣٣ من سورة الأنعام.
(٢) الآية ٧٦ من سورة يس.
(٣) الآية ٨ من سورة فاطر.
(٤) السجاحة : السهولة واللين والإعتدال.