وإذا كانت السور المذكورة مكية كما هو معلوم ، فيستفاد من ذلك : أن الشيب قد بان فيه «صلى الله عليه وآله» في مكة على خلاف الطبيعة ، وأسرع فيه ، حتى صار الناس يسألونه عنه ، وعما أثره (١) ولم يكن مجرد شعرات قليلة لا تلفت النظر ، ولا يلتفت إليها.
وأما أن أبا بكر كان تاجرا يختلف إلى الشام ، فقد تقدم : أنه كان في الجاهلية معلما للأولاد ، وبعد ذلك صار خياطا ، وكما كان أبو بكر يختلف إلى الشام ، فقد كان رسول الله «صلى الله عليه وآله» أيضا يختلف إلى الشام ، وكان التعرف عليه أدعى وأولى ، بملاحظة ما كان له من الشرف والسؤدد في قريش والعرب ، وكان له في أهل المدينة قرابة أيضا.
هذا ، عدا عما أسلفناه من أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» كان يعرض دعوته على القبائل التي تقدم مكة لعدة سنوات.
وأيضا : فإن صفات النبي «صلى الله عليه وآله» كانت تدل عليه ، وقد وصفته أم معبد لزوجها فعرفه.
أما أبو بكر ، فقد تقدمت صفته عن عائشة وغيرها في بعض الفصول.
وأخيرا : فإن ركوب النبي «صلى الله عليه وآله» وأبي بكر على ناقة واحدة لم نجد له ما يبرره ، بعد أن كان لدى كل منهما ناقة تخصه كما تقدم.
رأي العلامة الأميني :
ويرى الأميني «قدس سره» : أن قضية : أنت أكبر مني وأنا أسن منك تنقل عن النبي «صلى الله عليه وآله» مع سعيد بن يربوع المخزومي ، الذي
__________________
(١) الغدير ج ٧ ص ٢٦١.