مقايسة :
قلنا : إن مبيت أمير المؤمنين «عليه السلام» هذا قد ضيع الفرصة على قريش ، وأفشل ما كانت دبرته في النبي «صلى الله عليه وآله» ، وكان أيضا سببا لتمكين الدين ، وإعلاء كلمة الحق.
وأما أن يقاس ذلك بقضية ذبح إسماعيل ، فلا يصح ذلك ، لان إسماعيل قد استسلم لوالد شفيق رحيم ، يجد في عطفه وحنانه ما يسليه عما ينزل به ، ولا يجد منه أيا من أنحاء التنكيل ، والقسوة والخشونة.
أما علي «عليه السلام» ، فإنما استسلم لعدوه الذي لا يرحمه ، ومن لا يشفي غليله إلا سفك دمه ، وصب أقسى أنواع العذاب والتنكيل عليه ، مع شماتة قاتلة ، وحقد هائل.
وقد تكلم الإسكافي في نقضه لعثمانية الجاحظ حول هذه القضية فراجعه (١) ، ولو أردنا استقصاء الكلام حول هذه النقطة لطال بنا المقام.
إرادة الله :
لقد كان من الممكن أن ينصر الله رسوله من دون أن يضطر إلى اللجوء إلى الغار ، وإلى مبيت علي «عليه السلام» على فراشه ، وذلك عن طريق آيات باهرة ، وعنايات ومعجزات قاهرة.
وقد ظهر أنه قادر على ذلك من خلال ما صنعه لرسوله «صلى الله عليه وآله» من نسج العنكبوت ، ومن إنبات الشجر على باب الغار ، ثم تردد الحمامة الوحشية على مكان قريب تنفر منه بحسب العادة.
__________________
(١) راجع : شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج ١٣ والعثمانية للجاحظ في أواخرها.