بالأحداث والأخطار ، كل ذلك في سبيل هدفه ودينه وعقيدته.
وهو أروع مثل نستفيده من عملية الهجرة ، سواء في ذلك الهجرة إلى المدينة ، أو الهجرة إلى الحبشة.
هجرة عمر بن الخطاب :
ومما يلفت النظر هنا ما يقال عن كيفية هجرة عمر بن الخطاب ، حيث يروون عن علي «عليه السلام» أنه قال : ما علمت أحدا من المهاجرين هاجر إلا مختفيا ، إلا عمر بن الخطاب ، فإنه لما هم بالهجرة تقلد بسيفه ، وتنكب قوسه ، وانتضى في يديه أسهما ، واختصر عنزته ، ومضى قبل الكعبة ، والملأ من قريش بفنائها ، فطاف بالبيت سبعا ، ثم أتى المقام فصلى ركعتين ، ثم وقف على الحلق واحدة واحدة ؛ فقال : شاهت الوجوه ، لا يرغم الله إلا هذه المعاطس ، فمن أراد أن تثكله أمه ، أو يؤتم ولده ، أو ترمل زوجته ، فليلقني وراء هذا الوادي.
قال علي رضي الله عنه : فما تبعه أحد ، ثم مضى لوجهه (١).
ونحن نقطع بعدم صحة هذا الكلام ، لأن عمر لم يكن يملك مثل هذه الشجاعة ، وذلك :
أولا : لما تقدم في حديث إسلامه عن البخاري وغيره ، من أنه حين أسلم اختبأ في داره خائفا ، حتى جاءه العاص بن وائل ، فأجاره ، فخرج حينئذ.
__________________
(١) منتخب كنز العمال هامش مسند أحمد ج ٤ ص ٣٨٧ عن ابن عساكر ، والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٢١ و ٢٢ ، وأشار إلى ذلك في نور الأبصار ص ١٥. وكنز العمال ج ١٤ ص ٢٢١ و ٢٢٢ عن ابن عساكر.