كانوا يهابونه ويحترمونه ، ولاجترؤوا عليه ، ولمدوا أيديهم وألسنتهم بالسوء إليه» (١).
مفارقات محيّرة :
وكيف يحكمون لزيد بن عمرو بن نفيل ابن عم عمر بن الخطاب ، ولولده سعيد بن زيد ، ولورقة بن نوفل ، وقس بن ساعدة ، ولأبي سفيان الذي ما فتئ كهفا للمنافقين ، والذي ذكرنا لمحة عن تصريحاته ومواقفه في أواخر غزوة أحد في كتابنا الصحيح من سيرة النبي الأعظم «صلى الله عليه وآله».
نعم ، كيف يحكمون لهؤلاء بالإسلام؟! بل يروون عنه «صلى الله عليه وآله» : أنه قال عن أمية بن أبي الصلت : أنه كاد أن يسلم في شعره (٢).
ويقول الشافعي عن صفوان بن أمية : «وكان كأنه لا يشك في إسلامه» ، لأنه حين سمع يوم حنين قائلا يقول : غلبت هوازن ، وقتل محمد ، قال له :
«بفيك الحجر ، فو الله ، لرب قريش أحب إلي من رب هوازن».
نعم ، كيف يحكمون لكل هؤلاء بالإسلام ، أو بالاقتراب منه ، وهم لم يدركوا الإسلام ، أو أدركوه ولم يسلموا ، أو أظهروا الإسلام ، وأبطنوا الكفر؟
ثم يحكمون بالكفر على أبي طالب «عليه السلام» ، الذي ما فتئ في
__________________
(١) البداية والنهاية ج ٣ ص ٤١ ، وراجع السيرة النبوية لدحلان ج ١ ص ٤٦.
(٢) صحيح مسلم ج ٧ ص ٤٨ و ٤٩ ، والأغاني (ط ساسي) ج ٣ ص ١٩٠ ، والتراتيب الإدارية ج ١ ص ٢١٣.