وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزانَ بِالْقِسْطِ لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها وَإِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى وَبِعَهْدِ اللهِ أَوْفُوا ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)(١).
ولأجل ذلك اعتقدوا بهذه الدعوة ، وحاربوا قريشا والعرب من أجلها وفي سبيلها.
٤ ـ المدنيون والمكيون :
إن الوثنية التي كان أهل المدينة يدينون بها لم تستطع أن تحل مشاكلهم الداخلية ، على اختلافها ، ولا حتى أن تخفف من حدتها.
كما أنها لم تكن تجلب لهم امتيازات اجتماعية ، ولا اقتصادية ولا غيرها ، ولذلك فقد ضعفت ووهنت ، وزاد في ضعفها ووهنها مخالفتها للفطرة السليمة ، والعقل القويم.
ثم جاءت إخبارات اليهود لهم بقرب ظهور نبي يخبر عن الله لتزيد من ذلك الضعف والوهن إلى حد بعيد.
وهذا تماما على عكس الحال في مشركي مكة ؛ فإنهم كانوا يستفيدون من وثنيتهم اجتماعيا واقتصاديا.
وجعلوا من أنفسهم محورا تلتقي عليه سائر الفئات والقبائل في المنطقة ، وكرسوا لأنفسهم الكثير من الامتيازات الظالمة ، ولم يكونوا على استعداد للتخلي عن هذه الامتيازات من أجل خدمة الحق والإنسان ، بل كانوا يضحون بالإنسان والحق في سبيل امتيازاتهم ، وانحرافاتهم ، ومصالحهم تلك.
__________________
(١) الآيتان ٥٢ و ٥٣ من سورة الأنعام.